يُمثّل قولهُ تعالى الوارد في سورة الحجرات (يأيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم﴾ ينادي عاما لا يستثنىأي امرئ في أيّ زمان ومكان، كأنّه جل جلاله ينادي من خلال ذلك البيان على سائر خَلْقه، ويستثير فيهم الإدراك والإحساس؛ فهو يهيب بهم أن يتساموا، ويحثّهم على الانخراط في معارج الحكمة والتعقّل، ويبثّ في صدورهم السكينة ليُذهب عنهم الحرج، عندما تضيق دائرة نظرهم ويتقلّص حقلُ إدراكهم. ذلك الحرج الذي يجعلهم لا يرون المؤتلف الذي يشدّ بعضه بعضاً، ولا يفطنون لسرّ التعدّد والتنوّع والاختلاف التي وهو خير ما في الوجود، فيدعوهم إلى« التعارف » تلك القيمة التي تضيء بقِدَمها نفسه حداثتنا نفسها.