يمثّلُ الإيمان الديني رأس الإحساساتِ بالحريةِ، ولذا يأتي اختيار الدين في قمة هرم الإحساس بالحريةِ ﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾ الكهف 29؛ وذلك لأنه اختيارٌ شخصي يعتنقُهُ الإنسانُ دونَ أن يستطيعَ أحدٌ التأثيرَ فيه؛ فبحسبِ إجماعِ المسلمينَ للإيمانِ أنه ثلاثةُ أركان: الاعتقادُ بالجَنانِ، والإقرارُ باللسانِ، والعملُ بالأركانِ، والركنانِ الثاني والثالثُ يمكنُ للآخرينَ التدخل فيهما، أما الركنُ الأولُ فيتحققُ بينَ اللهِ والإنسان دونما تأثيرٍ من أحدٍ. وهناك قلةٌ من المسلمين في بداية الإسلام القرنين 8-9 يُسمون المُرْجئة، لم يعدّوا الَركنين الثاني والثالث من الأركانِ؛ بل الركنُ الأولُ فحسْب؛ إذ عرّفوا الإيمان: بأنهُ التصديقُ الداخليُ الإنساني الخاص فقط، وهو لا يزيدُ ولا ينقصُ عندما لا يكونُ هناك إقرارٌ ظاهر أو عملٌ ظاهر؛ وإنما يصبحُ الركنان الثاني والثالث إعلاناً بالانضمامِ إلى جماعةِ المسلمين. فالإيمانُ اقتناعٌ داخلي، أما الأمور الأخُرى فهي شواهدُ عليه.