يعد إعادة التوظيف الإيجابي للقيم الأخلاقية والتربوية وتحويلها إلى مؤسسات سياسية مضبوطة وهادفة ومسؤولة تحديا حاسما أمام الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، وتهدف هذه الدراسة إلى التساؤل حول مدى وجود البعد المؤسساتي في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، وأيضا ما يترتب عن ذلك من أسئلة ترتبط بالمضامين السياسية، الحمولات الأخلاقية والملائمة بين المضامين السياسية والدينية والعلاقات الجديدة المفترضة داخل هذا الفكر بين الدين والسياسة. يوظف هذا البحث مفهوم المأسسة بمعناه الكلاسيكي، حسب مونتسكيو، فإن مأسسة شعب ما، تعني نقل مجموعة من الأفراد تحركهم الميول والغرائز الذاتية، إلى حالة اجتماعية يعترفون فيها بسلطة تكون خارج مصلحياتهم وأفضالياتهم. فالمأسسة بهذا المعنى، هي واحدة من أهم معايير الانتماء إلى العصور الحديثة، فالمجتمع الممأسس هو الذي ينجح في تحويل مؤسساته القائمة على الولاء الشخصي والعائلي والتضامني والسلالي، أي من علاقات تفتقد إلى الطابع الموضوعي والمؤسساتي، إلى علاقات مأسسة تقوم على مبدأ تساوي المواطنين بالخضوع لها، وتخول لهم التعرف على الحقوق والواجبات التي تلزمهم إزاء بعضهم البعض.