تعدّ العلاقة بين اللغة والتنمية علاقة انعكاسيّة وتأثيريّة، وهي "تتأكّد اليوم أكثر من ذي قبل ف ظلّ اقتصاد المعرفة وعولمة السوق؛ ذلك لأنّ القوّة باتت تستند إلى المعرفة، حيث اكتسبت لغة المعرفة نفوذًا غير مسبوق ف عالم الاقتصاد، وتجاوزت اللغة بعدها الإيديولوجي نسبيًا، وابتعدت عن كونها مجرّد جزء من النسق العقدي للدولة، بعد أن اكتسبت سلطة تابعة لتلك التي امتلكتها المعرفة من حيث كونها أحد أعمدة خلق الثروة ف الاقتصاد الجديد. ولئن كان للغة هذه الأهميّة الكبيرة، فإنّنا وجدنا صورة ضبابيّة لسياسة لغوية واضحة المعالم، توظّف الممارسة اللغويّة بشكل يتيح ميلاد لغة علميّة، تعزّز القدرة التنافسيّة للغة العربية في مواجهة تحديات متعدّدة، كالازدواجيّة والثنائية اللغوية السائدة ف المجتمع العماني، التي تشق طريقها في المجتمع، بفعل توطيد وجود هذه الثنائية في مؤسسات مختلفة، ناهيك عن السوق الذي يشجع على ذلك.
ونسعى من خلال تجربة هذا البحث إلى خلق تجربة رائدة، وواضحة، تعزّز وجود علاقة بي الهُويّة اللّغويّة والجانب المعرفّ لها، ونحاول تقديم أطر مترابطة تجمع بين اللغة العربية والتنمية المستدامة، وكيف يمكن أن تكون اللغة العربية أحد أعمدة الدعم في التنمية الشاملة والدائمة، وذلك من خلال الإجابة عن أسئلة مهمة مثل: أيّ تنمية نستهدف؟ وما دور اللغة في تحقيق أهداف التنمية؟ ولماذا اللغة العربية؟ ولماذا نمارس التنمية بلغة أخرى غير العربية؟ وفي الوقت الذي نبحث فيه عن أهمّ التحديّات التي تعيق وجود هذه السياسة اللغويّة الواضحة للتنمية المستدامة، نرجو أن نوفق ف فتح آفاق لتعزيز وجودها، وممارستها على المستوى الاجتماعي، والمستوى العلميّ والمعرفي، من خلال ما يدور في البعد الثقافّي للتنمية المستدامة، ومحاولة فهم بعد التنمية الفلسفي في كل أمّة؛ لنفهم تأثير اللغة العربية في صنع هذا الدور، سواء أكان ذلك من خلال الخطاب،? أم من خلال رقمنة اللغة.