تناول البحث مفهوم القرار الإداري المضاد، وخصائصه، وأوجه التمييز بينه وبين القرارات والإجراءات الإدارية الأخرى التي تملك سلطة الإدارة اتخاذها، كالسحب والإلغاء قبل تحصينها بالمدد القانونية. وقد استعرضنا مناط تطبيق القرار الإداري المضاد الذي يصدر لإلغاء قرارات فردية سليمة منتجة لآثارها القانونية، بينما استعبد الفقه والقضاء الإداري القرارات التنظيمية والمنعدمة من نطاق تطبيقه. وقد ألزمت أغلب التشريعات الجهات الإدارية باحترام المبادئ العامة للقانون عند اتخاذ القرار الإداري المضاد كوسيلة لإنهاء القرارات الإدارية، وأحاطه ببعض الضمانات القانونية التي تغل يد الإدارة في استعمال سلطتها، كإلزامها بوجوب تطبيق مبدأ حق الدفاع، وضرورة تسبيب القرارات الإدارية حتى يمكن للقضاء من الرقابة على تصرفاتها عند ممارسة هذه الحقوق، فضلا عن مراعاة مبدأ تواري الاختصاص والأشكال، فهي ضوابط شكلية وإجرائية، وفي ذات الوقت تمثل ضمانًا لذوي الشأن الحماية حقوقهم ومراكزهم القانونية المشروعة من تعسف جهة الإدارة ولقد استقرت الاجتهادات الفقهية والأحكام القضائية على سريان أثر القرار المضاد في المستقبل دون إرجاعه إلى الماضي، وأكدت الالتزام بعدم رجعية القرارات الإدارية إلا في ضوء الاستثناءات التي حددها القانون، واستقرت الآراء القانونية على صحة الآثار الناتجة عن القرار الإداري (الملغي) واستمراريتها، طالما كانت صادرة في ظل قرار فردي سليم ومشروع.