يعمل جهاز تسوية المنازعات التابع لمنظمة التجارة العالمية على محاولة إنهاء كل الخلافات والنزاعات التجارية الدولية التي ترفع أمامه عبر إصدار التوصيات والقرارات التي تكون لها قوة جبرية مدعومة بمجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تتخذ في حال رفض العضو المخالف تنفيذ القرارات والتوصيات الصادرة ضده، وهذه الإجراءات هي ما تعرف بالتدابير المضادة ولكون التدابير المضادة في منظمة التجارة العالمية قد أنشئت ابتداء لتعزيز الدور القضائي للمنظمة، ولمحاولة التخلص من أهم المعوقات التي تقف أمام تحرير التجارة العالمية والمتمثلة في المنازعات التجارية: فقد تميزت هذه التدابير بماهية مختلفة إلى حد كبير عن تلك المتعارف عليها في القانون الدولي، وهو الأمر الذي جعلها بطبيعة الحال تتسم بمجموعة من الخصائص التي تمكنها من تحقيق الغاية من وجودها، والمتمثلة في الخاصية الثنائية، والرقابية، والمؤقتة، والعلاجية والجدير بالذكر بأن المنظمة - ولكونها تدرك خطورة هذه التدابير- فقد قامت بتنظيمها عبر وضع مجموعة من الشروط التي لا بد من تحققها حتى يحق للعضو المتضرر اللجوء لها. ومن جميع ما سبق فإن هذه الورقة تهدف إلى مناقشة ماهية التدابير المضادة في منظمة التجارة العالمية، ومحاولة تميزها عن التدابير المضادة المتعارف عليها في القانون الدولي العام عبر التطرق لمفهومها، وطبيعتها القانونية، وشروطها، والأنواع التي تتضمنها المحاولة الوصول إلى أهم توصية لتحقيق أقصى فاعلية ممكنة للتدابير المضادة في منظمة التجارة العالمية، والتي تتمثل في إلغاء الخاصية الثنائية في التدابير المضادة في ظل منظمة التجارة العالمية، وجعلها قابلة لأن تكون متحدة بشكل جماعي في حال فشلت فاعلية التدابير المضادة المتحدة من قبل العضو الشاكي وحده.