بإلقاء نظرة أولى على موقع المدينة قد لا يصدق المرء أن تجمعا بشرية كبيرة استقر في هذا المكان الذي تقع فيه أصفهان خلال آلاف السنين. وعلى خلاف المدن الإيرانية الكبرى تبریز وطهران ومشهد الواقعة في (أو على طرف أقاليم فلاحية واسعة وجيدة السقي، أو مدينتي كيرمنشاه وهمذان الواقعتين على سفح الجبل الإيراني، ومن ثم تستفيدان من تساقطات وافرة، على خلافها تقع أصفهان على علو ألف وخمسمائة متر وتحيط بها الصحاري وشبه الصحاري. وفي هذا الحوض الواقع وسط السلسلة الجبلية الإيرانية يعتبر الاستقرار والفلاحة نشاطين ممكنين في أماكن معدودة جادت بها الطبيعة. و تعد الموارد المائية الكافية الشرط المسبق الأساسي للفلاحة والنمو الحضري في مثل هذه الظروف. وهذا ما وفره لأصفهان ومقاطعاتها نهر زاینده رود الذي يتوفر على أعلى صبيب مائي من بين كل انهار الأراضي الداخلية (القارية) الإيرانية. فبالصبيب الأدنى المقدر بحوالي ثلاثين مترا مكبا في الثانية، يعتبر زاینده رود أساس وجود المدينة. إنه يوفر ماء يروي الحقول المحيطة بها، وماء تشربه ساكنتها. وفي هذا تشبه أصفهان ثلاث مدن واحات أدت مثلها- أدوار مهمة في تاريخ الإسلام، ألا وهي دمشق في سورية وهراة في أفغانستان وسمرقند في أوزبكستان.