تطوّر الكتابة الغربیة عن تاریخ الإسلام هو موضوع واسع جداً، ولا أستطیع أن أقدم إلاّ بعض الملاحظات المبدئیة أحاول فیها أن أرسم خطوط الموضوع الخارجیة. وسأحاول أن أمیز في كلامي بین الكتابة الغربیة عن تاریخ الإسلام وبین الكتابة الغربیة عن الإسلام بشكلٍ عام، وهذا أمرٌ صعب ولعلي لا أنجح نجاحاً في هذه المحاولة لأنَّ العلاقة بین دراسة الإسلام وبین دراسة تاریخ الإسلام علاقة حمیمة جداً یصعب فكاكها. فلنبدأ بالبدایة وهي الكتابات الغربیة التي صدرت عن الاتصالات الأولى بین الأوروبیین والمسلمین والزوار الغربیین إلى الأماكن المقدّسة المسیحیة والیهودیة. أي القدس في أوّل الأمر ثم في بلاد الشام عاماً خلال الحروب الصلیبیة. وهذه الكتابات التي نبتت في بیئة تنافس دیني واحتكاك سیاسي لم تكن كتابات علمیة بل كانت من حیث المبدأ دعایة ضدّ الإسلام. وهذا الأدب الدَعَاوي تطور وكَثُرَ على مرّ القرون، وتنوع أیضاً، وبعض هذه الكتابات كان مجادلة دینیة عقائدیة خالصة بینما البعض الآخر محتویاً على نبذةٍ من تاریخ الإسلام والمؤمنین. وكان التركیز التاریخي في مثل هذه الكتب الجدلیة بطبیعة الحال على الرسول -صلى الله علیه وسلم- وعلى تاریخ عصره، لأنّ هدف هذه الكتابات كان محاربة الإسلام على المستوى الفكري وقد رأى مؤلفوها أنّ أسهلَ طریقة لنزع الثقة عن الإسلام
هو الافتراء على الرسول -صلى الله علیه وسلم- وعلى حقیقة الوحي. فلا عجب إذن إذا اكتشفنا أنّ الصورة الموجودة في هذه الكتابات عن الرسول وأعماله وأعمال أصحابه في الأمة الأصلیة صورة مشوّهة محرفة إلى حدٍ كبیر.