إن عملية تطوير المقدرة التنافسية لدى الصناعات الصغيرة و المتوسطة أخذت جزء كبير من جهود القائمين على وضع سياسات التنمية، و ذلك نظرا للدور الكبير الذي تلعبه هذه الفئة من الصناعات في تنمية المجتمعات المحلية من خلال توفير فرص العمل و التدريب و تنشيط الحركة الاقتصادية، كما أن حقيقة التحديات التي تواجهها هذه الصناعات مثل قصور إمكانياتها المادية و التقنية و ومقدرتها البحثية لا يمكن تجاهلها، نظرا لما تقدم فقد قامت العديد من الحكومات ومنظمات التنمية الصناعية بتبني مناهج و فلسفات صناعية جديدة من أجل تعزيز وضع هذه الصناعات، و يأتي منهج التكامل أو التشابك الصناعي على راس توجهات التنمية الصناعية في البلدان المتقدمة والنامية في العقد الحالي. تركز هذه الدراسة على الصناعات المحلية الصغيرة و المتوسطة و تدرس مدى تطبيق منهج التكامل الصناعي محليا و الصعوبات التي تعيق اتباع هذا المنهج، و يمكن تقسيم الأعمال التي أنجزت من اجل تحقيق أهداف الدراسة إلى جانبين أساسيين هما: الجانب النظري و الذي قام فيه الباحث بالإطلاع على الدراسات السابقة في هذا المجال و الاستفادة منها في تصميم أداة البحث (الاستبيان) ووضع الخطوط العريضة للبحث، أما الجانب الآخر فهو الجانب الميداني و الذي قام خلاله الباحث بإجراء مقابلات ميدانية مع القائمين على وضع سياسات التنمية الصناعية أظهرت الدراسة أنه بالرغم من وجود فهم جيد لمنهج التكامل الصناعي لدى الصناعيين المحليين إلا أنه تظل نسبة كبيرة من الصناعات المحلية لا تستفيد من تطبيق هذا المنهج، و ذلك يعزى إلى عدة أسباب على رأسها: الرغبة في المحافظة على المعلومات الخاصة بتشغيل المصنع و الرغبة في الاستغلالية و عدم المعرفة التامة بجدوى التكامل الصناعي. و تتميز الصناعات التي اتضح إنها تمارس منهج التكامل الصناعي بعدة مميزات أهمها: أنها كبيرة من حيث عدد الموظفين، مصدرة لمنتجاتها و حديثة من حيث فترة التأسيس اقل من 6 سنوات)، كما أظهرت الدراسة أن الصناعات التي تتبني هذا المنهج و تطبقه عمليا تواجهه صعوبات اقل في التحكم في تكلفة الإنتاج و التسويق و التصدير و الحصول على مصادر تمويل، الأمر الذي يشجع على تبني هذا المنهج من قبل الصناعات المحلية و القائمين على وضع سياسات التنمية الاقتصادية.