عندما كان هیغل بعد موقعة بینّا عام 1806 م یُطلُّ من نافذة منزله رأى نابلیون بونا برت المنتصر في المعركة المذكورة، فتمتم قائلًا: "روح العالم على جواد" – یومَها عنى هیغل أن الجنرال نابلیون یدفعُهُ حلمه بصنع التاریخ، استطاع أن ینجز أمراً كبیراً فعلًا یؤدّي إلى تقدمٍ تاریخي؛ وبدون أن یقصد هو نفسه شیئاً من ذلك. وعندما أضع هنا "روح العالم" الهیغلیة، وحاملات الطائرات في سیاقٍ واحد(مع علامة تعجُّب!)، فإنما أقصد إلى سؤال الرئیس الأمیركي جورج بوش، الذي ما تحَدّث أحدٌ مثلُهُ من قبل عن دعم الدیمقراطیة في العالم العربي، وربما تصرف أیضاً بحسب هذا الاعتقاد، هل یصدّق أنه حقق أو یحقق إنجازاتٍ ربما لم یكن یقصدها في السیاق نفسه؟! أما حاملة الطائرات، فالمقصود بها صورة الرئیس بوش على حاملة الطائرات أبراهام لنكولن وبلباس البحریة الأمیركیة، عندما كان یعلن أنّ الحرب انتهت وأنَّ العراق سقط!
والواقع أنّ حرب العراق شُ نّت تحت شعاراتٍ متعددةٍ من بینها بناءُ نظامٍ دیمقراطيٍ بالعراق، وهو شعارٌ جرى رفْعُهُ بعد تراجُع الشعارات الأخرى التي رُمي بها صدام حسین ونظامه، مثل الصلة مع الإرهابیین، وامتلاك أسلحة الدمار الشامل. ولا أرید هنا أن أنفي إمكان أن یكونَ بعضُ دُعاة الدیمقراطیة بالعراق من أصحاب النوایا الحسنة – فدعونا نقاربْ هذا الملفّ المعقَّد بشيءٍ من التأني.