طوال العصور الوسطى كان الإسلام والمسيحية في تفاعل وتواصل حتى خلال الغزوات المغولية، وما كانت الحملات الصليبية إلا فصلا صغيرا قائما في هذا التاريخ المتواصل، وما أدت إلا إلى زيادة العداوة وتبديد حياة البشر. ولكن قبل الحملات الصليبية وأثناءها وبعدها غزا المسلمون أوروبا من جميع جهاتها، مخترقين البرج العاجي ومنابر الوعظ وأذهان الناس العاديين، وما أتوا هذه المرة في شكل جيوش، ولكن بين أغلفة الكتب، وبأفكارهم المترجمة من العربية إلى اللاتينية بنشاط وطوال عدة قرون. لقد جاءوا في سحر الأنسجة والأقمشة والسجاد الموك ببراعة، كما جاءوا في أدوية ومدارس جديدة تأست بناء على مفاهيمهم العلمية، وكان حلفاؤهم هم المفكرين المتلهفين إلى العمل، والتجار والناس العاديين الذين اتخذوا من الإسلام ثقافة لهم عبر عدة قرون.