في غمرة تصاعد التيارات السياسية الشعبوية، وتهديدات الجماعات الإرهابية المتطرفة، في العالم ولاسيما أوروبا، يقارب الطبيب النفسي الهولندي مارتن أبيلو، هذه الإشكالية من منظور نفسي، في كتابه الجديد، مثيرًا سؤالا محوريًا عما إذا كان العالم ذاهب للخضوع للنرجسية، ليس كحالة فردية وإنما في نسقها الجماعي، ويصف الصراع النرجسي الذي تواجهه المجتمعات الإنسانية، من خلال نمطين متوازيين يتجاذبان الاستقطاب، عبر ثنائية نحن - هم الضدية ّ . ويبين كيف يهدد كل منهما المجتمع بالنرجسية والغضب النرجسي. فالساسة الشعبويون، كالإرهابيين، لهم تأثير استقطابي في المجتمع، ويمثلون ْ ظاهرة نرجسية نموذجية، إذ َلا يدعون أي مجال للآخر، ويؤججون مشاعر كراهيته، ويضعون مصالحهم الخاصة أولا. ّإلا أن الكاتب - من واقع خبرته بالنرجسية كمعالج سلوكي - يقدم للمتلقي بشكل غير مباشر دعمًا للرضا بالواقع أو القبول به، بتأكيده أفضلية ّ أن يستوعب المرء )ويتحمل( أن لديه، كأي إنسان، دوافع ّ نرجسية وأن ٌ هذا جزء من كينونته الإنسانية. فلا
مجال، بالضرورة، للنظرة السيئة إلى النرجسية من حيث هي، على أي حال، ما يجعل محتوى الكتاب تلقائيًا أخف وقعًا على
النفس، ليتم تلقيه إيجابيًا.