تعد الأمراض التي يسببها البيثيوم والجفاف من التحديات التي تقلل من إنتاج الخضروات في سلطنة عمان. وقد خلصت الدراسات السابقة إلى أن استعمال المتنابتات الفطرية أو ما يسمى بالنابوتات الفطرية الداخلية (Endophytic fungi) هي من الطرائق الناجعة للتخفيف من هاتين المشكلتين. في هذه الأطروحة المعنونة ب: "دور المتنابتات الفطرية في قمع أمراض سقوط البادرات المفاجئ وتعزيز تحمل الجفاف في محاصيل خضرية مختارة" تم عزل المتنابتات الفطرية من النباتات الصحراوية الواطنة التي تعيش بشكل طبيعي في ظل ظروف شديدة الإجهاد مثل الجفاف والحرارة، وقد تم استعمالها للحد من تأثير العوامل الإجهادية الحيوية واللاحيوية في نباتات المحاصيل، ولاسيما البندورة. لهذه الدراسة ثلاثة أهداف رئيسة وهي (1) دراسة التنوع الفطري في النباتات الصحراوية في سلطنة عمان، (2) استقصاء قدرة الفطريات المعزولة في قمع مرض موت البادرات (سقوط البادرات المفاجئ) ( Damping - off ) في المحاصيل الخضرية والناتج عن الممرض الفطري بيثيوم أفانيدرماتیوم (Pvthiu aphanideviatu)، (3) وكذلك استقصاء قدرة هذه العزلات الفطرية في تحسين تحمل الجفاف.
ركز القسم الأول من الأطروحة على عزل وتعريف المتنابتات الفطرية والمعزولة من النباتات الصحراوية الواطنة، وأظهرت الدراسة التصنيفية أن المتنايتات الفطرية كانت تتبع نوع الرشاشية الأرضية ( Aspergillus ferreus) والتي تم عزلها من نباتي الحرمل (Rhazya stricta) والظفراء الأبولونية ( Tephrosia apollinea) الصحراويين، ونوع التالارومیسیس المتبدل (Talaromyces variabilis) المعزول من نباتي الحرمل والرطريط (Zygophyllum coccineum) الصحراويين، كما تم تعريف نوعين فطريين جديدين في غمان هما الطوقي البوغي العماني (Cladosporium omanense)، والتالار وميسيس العماني (Talaromyces omanensis)، تم عزل المتنايت الجديد الطوقي البوغي العماني من نبات الرطريط في عمان، وقد تم تعريفة اعتمادا على التوصيف الشكلي ومعطيات شجرة تطور السلالات والتي اعتمدت بدورها على بيانات تسلسل المورثات الثلاث المشترك: ( ITS, TEF , ACT )، كما ثبت من خلال الدراسة أن هذا الفطر الجديد مختلف عن الأنواع القريبة منه في شجرة التطور بالنمو السريع المستعمراته، كما أن حوامله الكونيدية الكبيرة والدقيقة كانت أطول من تلك القريبة منها في شجرة التطور، علاوة على ذلك، فقد لوحظ أن كونيديا النوع الجديد ذات جدران سميكة، وتتميز بزخارف سطحية مجعدة وواضحة البروز، أما النوع الآخر التالار وميسيس العماني فقد تم عزله من نبات الحرمل الصحراوي في عمان، وتم توصيفة مظهرية وجزيئية، وقد تبين من خلال الدراسة التصنيفية أن هذا المتنابت الفطري هو نوع فطري دقيق جديد يشكل في شجرة التطور فرعا متمایز وشقيقة لقسم subinflati في جنس التالار وميسيس، كان ذلك مثبتة من خلال بيانات تسلسل المورثات الثلاث: (ITS , benA , CaM)، يتميز وينفرد هذا الفطر عن بقية الأنواع في قسم Subinflati بامتلاكه حوامل كونيدية أحادية المحور.
تم في القسم الثاني من هذه الدراسة استقصاء دور المتنايكات الفطرية المعرفة في المكافحة الحيوية للممرض القطري بيثيوم أفانيدرماتوم، عزلتان من الرشاشية الأرضية ( 65P& 9F ) ثبطتا نمو الممرض الفطري بيثيوم أفاتيدر ماتيوم، وأحدثتا تشوهات في نموه، وفقدانة في المحتوى الداخلي لخيوطه الفطرية، وقد لوحظ أيضا أن رشاحة (السائل الطافي) الرشاشية الأرضية أدت إلى تلف خلوي (تسرب خلوي) ملحوظ في مشيجة الفطر الممرض وإلى نقص حاد في عدد أبواغة المنتجة، إضافة إلى ذلك فإن هذا الفطر المكافح لديه القدرة على إفراز إنزيم الغلوكاناز ومخلبيات الحديد (حاملات الحديد) (Siderophores)، يشير هذا إلى أن الجدر الخلوية للبيثيوم، والمتكونة من الغلوكان، تأثرت بإنزيم الغلوكاناز الذي أنتجته الرشاشية الأرضية، كما تقترح الدراسة مساهمة مخلبيات الحديد المفرزة من قبل الفطر المكافح في تثبيط نمو البيثيوم، أما الاختبارات الحيوية فقد بينت أن كلا العزلتان قد استطاعتا قمع مرض موت بادرات الخيار الناتج عن الممرض الفطري بيثيوم أفانيدر ماتيوم، بالإضافة إلى ذلك، فإنه لم يكن للعزلتين أي آثار سلبية في نمو شتلات الخيار.
كما تحققت الدراسة من قدرة المتنایت الفطري التالاروميسيس المتبدل على معارضة نمو الفطر الممرض بيثيوم أفانيدر ماتيوم وقمع ما يسببه من مرض موت بادرات الخيار والبندورة، أوجدت الدراسة أن الفطر المكافح التالارومیسیس المتبدل يثبط مختبرية نمو الفطر الممرض في الأوساط الصلبة والسائلة، ويحدث تشوهات شكلية في خيوط الفطر الممرض، كما أن رشاحة الفطر المكافح أحدثت تلفة خلوية في مشيجة الفطر الممرض وقمعت إنتاج أبواغه، إضافة إلى ذلك، فقد أثبتت الدراسة كفاءة فطر التالار وميسيس المتبدل في قمع مرض موت بادرات الخيار والبندورة المحدث من قبل الفطر بيثيوم أفانيدر ماتيوم، إن مقدرة التالارو میسیس المتبدل على إنتاج أنزيمي الغلوكاناز والسيللولاز والمركبات مخلبية الحديد تساهم على الأرجح في النتائج سابقة الذكر.
أما المتنایت الفطري الطوقي البوغي العماني فقد ثبط نمو الليثيوم أفانيدر وماتيوم، وأحدث تشوهات شكلية متميزة في خيوطه الفطرية، وكذلك فإن رشاحة هذا الفطر المكافح سيبت تلف خلوية ملحوظة في مشيجة الفطر الممرض، وقمعة شديدة لإنتاج أبواغه، إضافة إلى ذلك، فإن الطوقي البوغي العماني قمع بكفاءة عالية مرض موت البادرات في الخيار والخس والمحدث بوساطة الفطر الممرض بيثيوم أفانیدروماتيوم، إن مقدرة الطوقي البوغي العماني على إنتاج أنزيمي الغلوكاناز والسيللولاز والمركبات مخلبية الحديد يفسر إلى حد ما تلك التأثيرات القامعة للفطر الممرض.
اهتم القسم الثالث والأخير من الأطروحة بدراسة دور المتنابت الفطري التالار وميسيس العماني في تعزيز تحمل الجفاف في نبات البندورة، وقد أظهرت نتائج الدراسة أن هذا المتنايت يزود البندورة بالعديد من المزايا تحت ظروف إجهاد الجفاف، تتضمن هذه المزايا تحسينة ملحوظة للخصائص التكاثرية، واستشعاع الكلوروفيل، وبعض الصفات التشريحية مثل زيادة عرض اللحاء والقشرة وتقليل تجويف الجذع الناتج عن انحلال المخ (اللب)، إضافة إلى ذلك، فقد عزز التالار وميسيس العماني بشكل ملحوظ بعض السمات الهامة الأخرى تحت ضغط إجهاد الجفاف من مثل زيادة الوزن الجاف للفارع الهوائي، وطول الجذر، وعدد الأزهار ووزن الثمار.
بشكل عام، قد أظهرت الدراسة الحالية أن المتنابتات الفطرية التي تم عزلها من نباتات واطنة برية صحراوية يمكن أن يكون لها العديد من المميزات، بما في ذلك استخدامها المحتمل كعوامل مكافحة حيوية ضد مسببات الأمراض النباتية وكذلك للحد من تأثير إجهاد الجفاف في بعض المحاصيل.