جاء تأسيس البرنامج الاستراتيجي في التراث الثقافي العماني ليؤكد أهمية وقيمة استدامة التراث غير المادي وحفظه من النسيان من خلال التوثيق العلمي للشخصيات وأنماط المعيشة المختلفة. كذلك فإن هنالك جانبًا مهمًا آخر وهو ما تختزنه الذاكرة العمانية من الحكايات والأساطير المرتبطة بأمكنة محددة في محافظات السلطنة المختلفة. وبالإضافة إلى كون هذا التوثيق العلمي له من الأهمية بمكان من حيث الاستدامة الثقافية واللغوية والعلمية، فإن هنالك منافع شتى تعود على المجتمع العماني كالاستثمار السياحي لتلكم الأمكنة – الطبيعية والثقافية- التي ترتبط بها الحكايات والأساطير المسجلة والمدونة لتصبح مزارات سياحية مما يسهم في إحيائها واستدامتها بدلا من أن تصبح في طي النسيان. ولقد أكدت الاستراتيجية العمانية للسياحة دعم الاستثمار السياحي المستدام للتراث الثقافي العماني غير الملموس في البرامج السياحية المختلفة. وكغيرها من المحافظات في سلطنة عمان فإن محافظة الداخلية بولاياتها الثمان تختزن ذاكرة مجتمعاتها رصيدا ثريا من الحكايات والأساطير المرتبطة بالأمكنة ولذلك فقد تم العمل على مشروع توثيقها علميا منذ أواخر عام 2020. تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على واقع تجربة هذا المشروع والتحديات التي تواجه هذا النوع من مشاريع التوثيق العلمي الذي يهدف أساسا إلى استدامة أحد جوانب التراث الثقاف غير المادي. ومن خلال الزيارات الميدانية والمقابلات مع أفراد المجتمع والباحثي الميدانيي فإن هنالك عددًا من التحديات تتعلق بالأمكنة أو بالرواة أو ببيئة
العمل الميداني والمشاركي في التوثيق العلمي، ناهيك عن جائحة كورونا 19 COVID التي ألقت بظلالها على المشروع كغيره من المشاريع الأخرى الميدانية.