غرضنا في هذا البحث هو استكشاف تصور لودفيغ فيتغنشتاين للاعتقادات الدينية، وخصوصيتها بالمقارنة مع غيرها من الاعتقادات. استحضرنا تميز هذا الفيلسوف بنموذجين فلسفيين متعارضين؛ من أجل استكشاف الإطار العام الذي حكم تحليله للموضوع، واستنتجنا أن للاعتقاد الديني - في نظر فيتغنشتاين - تميزة عن الاعتقادات الأخرى بخصوصية استعماله للغة، أي بعد لغة الاعتقادات الدينية لعبة لغوية خاصة، وبوصفه نمطة للحياة أكثر من كونه معرفة فقط، وباستناده إلى أنواع خاصة من البينات والأدلة غير البينات والأدلة التجريبية التي تستند إليها الاعتقادات الأخرى، وأخيرة باستعمالها لنمط خاص من التفكير والاستدلال لا يوزن بمعيار العقلانية والمعقولية المقرر؛ وإنما بمعيار خاص مستمد من «عقلانية» متميزة. فقررنا بناء على ذلك . على خلاف عدد من التأويلات الأخرى - أن ما يفهم من معالجة فيتغنشتاين للموضوع هو أن للاعتقاد الديني منطقه الخاص المتميز عن منطق الاعتقادات العادية. إن دراسة ما يميز الإيمان عن الاعتقادات المعرفية والعقلانية لهو مما أسال كثيرة من مداد الفلاسفة واللاهوتيين، ويمكن تحديد محور المناقشات في محاولة كشف طبيعة الإيمان والاعتقاد الديني في ذاته من جهة، وفي علاقته مع الاعتقادات الأخرى من جهة ثانية. ولأن الفلسفة تحاول أن تنظر إلى الاعتقاد الديني نظرة عقلانية خارجية - بدل النظرة اللاهوتية التي قد تعد الإيمان الديني نورة وعطاء إلهية - فإن التساؤل يتوجه إلى طلب ما يحدد ماهية الإيمان أو الاعتقاد الديني، وما يميزه عن الاعتقاد غير الديني، وأيمكن تبرير الإيمان تبريرة عقلانية برد الإيمان (الاعتقاد الديني) إلى العقل الاعتقادات المعرفية المؤسسة على مسلمات أغلبها تجريبية) ؟ أم أن الإيمان الديني مستقل عن الاعتقاد المعرفي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما طبيعة العلاقة بينهما، خاصة وأنهما يشتركان في عدد من الموضوعات؟ وما شبل المقارنة بينهما إن كان هناك مجال للمقارنة؟