Document
إبراهيم الجرادي ذهب الأليف والوليف وما غاب!.
Publisher
مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان.
Gregorian
2019
Language
Arabic
Member of
Resource URL
Arabic abstract
إنها تمطر الآن! أقول لنفسي، سيبلل المطر قبر إبراهيم الجرادي (1951 – 2018) الذي دُفن للتو في مقبرة الغرباء، وسينبت العشب فوق التراب الطري مثل راية خضراء. لن يحتاج هذه المرّة إلى مظلة، كما أنه لم يحض بحصته القليلة من تراب الفرات كي يذهب إلى اغفاءة أخيرة، تحت شجرة كينا عتيقة بالقرب من بيت طفولته الأولى في قرية بندر خان في مدينة الرقة التي تناهبها البرابرة ولوّثوا ماء فراتها المقدّس بتعاليمهم الظلامية. قبل رحيله بأشهر، وكنّا خارجين من مقهى الروضة، قال لي "أنا مريض". لم تكن هذه العبارة واحدة من مجازاته. الأرجح أن يقول "أنا عليل". كان يعني مرض السرطان دون غيره، لكنني تجاهلت النطق باسمه، وذهبنا إلى تجليات أخرى، إلى أن صعد إلى تاكسي في شارع الباكستان نحو بيته في مساكن برزة. كان يختفي أياماً، إلى أن أتصل به تلفونياً كي نلتقي في المقهى، وكان يستجيب على الفور، كما لو أنه ينتظر مكالمتي، فهو منذ عودته من اليمن بعد اغتراب قسري لنحو عقد ونصف، بدا غريباً في الشام، مثل بدوي يزور المدينة لأول مرّة، وكان يبرّر عزلته بأنه لم يعد لديه أصدقاء- عداي ربما- كي يبث شجونه واعترافاته وسخطه.
Category
Journal articles