Document
آخر ما خطه الراحل إحسان عباس
Publisher
وزارة الأوقاف و الشوؤن الدينية
Gregorian
2004
Language
Arabic
Subject
Member of
Resource URL
Citation
الشيخ، خليل(2004). آخر ما خطه الراحل إحسان عباس. مجلة التفاهم،(4)،7-1. استرجع من https://tafahom.mara.gov.om/storage/al-tafahom/ar/2004/004/pdf/18.pdf
Arabic abstract
یوم شرعنا في العمل لإصدار مجلة "التسامح"، كان إحسان عباس من أوائل الذین تمت مخاطبتهم للإسهام في هذا المشروع الحضاري، لیس بالنظر لما یمّثله إحسان عباس من قیمة معرفیة كبرى فحسب، بل في ضوء ما یجسده على المستوى الفكري والإنساني من تسامح أصیل، ندر أن یجود الزمان بمثله. ولعله لیس من قبیل المبالغة على الإطلاق أن یقال إن المرء لا یكاد یقرأ عملا فكریا أو أدبیا أو نقدیا من بین كتابات إحسان عباس الغزیرة، إلا ووجد نفسه أمام رؤى إنسانیة متفتحة، وقیم علیا، تحرص على الحق والخیر والجمال، وتقدمها جمیعا في إطار علمي راق، بعید كل البعد عن الادعاء والمبالغة، على
الرغم من أن كتاباته كانت تمثل كشوفا علمیة متمیزة، وتلقي الأضواء الساطعة على جوانب تغدو فیما بعد نقاطا یتزاحم حولها الدارسون. كنت أعلم ظروفه الصحیة، وما كان یعانیه في آخر العمر من آلام، كان یتقبلها بابتسامته العذبة وتواضعه الجم وصبره المعهود، وإن رافق ذلك كله حزن لا تخطئه العین، لأن هذه الأوصاب كانت تحرمه من متعتي القراءة والكتابة، وهما المتعتان اللتان
أفنى حیاته فیهما باختیاره ورضاه. كنت أردد أمامه مازحا ما قاله أحد الفلاسفة الألمان من أن كل دون جوان ینتهي فاوست، وكل فاوست ینتهي دون جوان. فكان یضحك ویرى أن المقولة عمیقة. لأن الفصل بین المعرفي والإنساني في التكوین البشري غیر ممكن، ولأن البحث عن الحقیقة مسألة جوهریة في التكوین الإنساني، ولكنه كان یحیلني إلى "غربة الراعي" وأزهاره البریة السیرة والدیوان اللذین یضمان معا آفاقا كبرى ظلت ملازمة له لا تفارقه على
الإطلاق.
الرغم من أن كتاباته كانت تمثل كشوفا علمیة متمیزة، وتلقي الأضواء الساطعة على جوانب تغدو فیما بعد نقاطا یتزاحم حولها الدارسون. كنت أعلم ظروفه الصحیة، وما كان یعانیه في آخر العمر من آلام، كان یتقبلها بابتسامته العذبة وتواضعه الجم وصبره المعهود، وإن رافق ذلك كله حزن لا تخطئه العین، لأن هذه الأوصاب كانت تحرمه من متعتي القراءة والكتابة، وهما المتعتان اللتان
أفنى حیاته فیهما باختیاره ورضاه. كنت أردد أمامه مازحا ما قاله أحد الفلاسفة الألمان من أن كل دون جوان ینتهي فاوست، وكل فاوست ینتهي دون جوان. فكان یضحك ویرى أن المقولة عمیقة. لأن الفصل بین المعرفي والإنساني في التكوین البشري غیر ممكن، ولأن البحث عن الحقیقة مسألة جوهریة في التكوین الإنساني، ولكنه كان یحیلني إلى "غربة الراعي" وأزهاره البریة السیرة والدیوان اللذین یضمان معا آفاقا كبرى ظلت ملازمة له لا تفارقه على
الإطلاق.
Category
Journal articles