لعل المحافظة على التقالید وصیانتها من العبث تعد إحدى المشكلات التي تواجه كافة المجتمعات في تطورها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، فكل جیل یعمل على نقل ما تعلمه من تراث الأسلاف إلى الجیل التالي، فإذا ما حاول أحد الخروج عن دائرة التقالید الموروثة فإنه یتهم بالمروق والعصیان والكفر بتراث الأجداد، وبهذا المعنى أصبحت التقالید الموروثة تمثل قیدا على حریات الأفراد وإبداعاتهم الفكریة، وهو الصراع الذي أخذ عنوان الصراع بین الأصالة والمعاصرة قضیة أساسیة. ففي ظل التحولات الثقافیة الواسعة التي تمیز عصر الثقافة العالمیة تواجه الثقافة الشعبیة تحدیات خطیرة، وتحولت نظم اجتماعیة واقتصادیة لتكتسب سمات ت مُي زِّ نظم الغرب، كما طرأت تبدلات واضحة على إبداع وتذوق الآداب والفنون في تلك المجتمعات. وبناء على ماسبق تبرز
الحاجة إلى إعادة قراءة قضایا الحداثة، وكذلك إعادة قراءة بعض قضایا التراث والتفرقة بینه وبین التقالید الموروثة لإبراز الجوانب المضیئة به ومعالجته بفكر متفتح ومفتوح وكذلك متواءم مع متطلبات العصر في مجتمعاتنا العربیة.