شكل الأدب الفلسطيني المقاوم عبر مراحله المختلفة رافدا مهما للقصيدة العربية، وكان الشعر المقاوم دور بارز، أعطى القضية الفلسطينية حقها في الظهور، وعد في الوقت ذاته توثيقا مهما للأحداث التاريخية والسياسية، قدم صورة وافية لمرحلة بداية الاستعمار البريطاني وما بعد قدوم الاحتلال الإسرائيلي إلى أرض فلسطين، ورصدأ للحياة الفلسطينية اليومية بواقعها وأحلامها وآلامها، فجاء مضمون هذا الأدب منبعثة من الحياة اليومية للأفراد الفلسطينية وما يواجهونه من تحديات في إثبات أحقيتهم بأرضهم ووطنهم الأول فلسطين وما يلاقونه في سبيل ذلك من عنف يومي، وحصار دائم، والأم متلاحقة، تلك التي خلفت رغبة ملحة على الرغم من كل ذلك لإيجاد الأمل، وكانت خلاقة لهذا الإبداع الفكري.
وقد جاءت هذه الدراسة بهدف تتبع آثار المقاومة الفلسطينية في النتاج الشعري للشاعر الشهيد عبدالرحيم محمود وذلك خلال الفترة الممتدة من العام 1913م وحتى العام 1948م، واكب الشاعر فيها مرحلة الإستعمار البريطاني وبداية النكبة الفلسطينية، وضم فيها شعر المقاومة جنبا إلى سلاحه بوجه أعداء الوطن، فكان شعره الأقوى والأهم نتاجا في الجيل الأول لأشعار المقاومة الفلسطينية
وتأتي الدراسة على منهج التحليل الوصفي، مقسمة إلى: مقدمة، وتمهيد يتناول مصطلح أدب المقاومة ويتعرض لتاريخ ظهوره وأهم الخصائص التي ميزته، ونبذة تضمنت حياة الشاعر منذ نشأته وحتى وفاته، يليهما فصلان، تناول كل منهما الأشعار من جانبين، أحدهما موضوعي والأخر فني، يهتم الفصل الأول بالدراسة الموضوعية ويتعرض للأبعاد التي تضمنتها هذه القصائد من بعد ذاتي، وبعد وطني، وبعد قومي، أما الفصل الثاني فقد جاء مختصة بالدراسة الفنية مهتمة بدراسة بنية القصيدة من حيث الوحدة والبناء، كما عنيت الدراسة بالمعجم اللغوي لمصطلحات الشاعر من ألفاظ وتراكيب وأساليب، وعرضأ للموسيقى الخارجية من وزن وقافية، والموسيقى الداخلية لبعض تلك الأبيات، تليها الخاتمة والتي استعرضت أهم النتائج المستخلصة منها ما يلي:
سعد عبدالرحيم محمود من أهم شعراء المقاومة الفلسطينية في جيله الأول، وقد أدى حقها قولا وعملا، غلب طابع القوة والجرأة عليه في طرحه لأشعاره القومية والوطنية والإنسانية والتي شغلت حياته على حد سواء، تأثرت مضامین شعره في المرحلة التي قضاها بعيدا عن أرض وطنه فاضافت جوانب جديدة إلى قصائده كأشعار الحنين والمطولات واهتماما أكبر بالجانب القومي بعد ان كان تركيزه منصبا على الهم الوطني، التزم الشاعر في قصيدته على البناء التقليدي الموزون، وعرف معجمة اللغوي بوضوحه وسهولة ألفاظه وقوتها في آن واحد، وقد عمد إلى استعمال المحسنات البديعية كالجناس والتكرار والتي ظهرت واضحة لديه