يعد استخدام البيانات الشخصية الرقمية ضرورة أولية للقيام بمعظم المعاملات الرقمية، وهذا يجعل
السؤال عن الطبيعة القانونية للبيانات الشخصية موضع اهتمام حتى يتحدد النظام القانوني الحاكم لها
والمعاملات المتعلقة بها. وإن من أدق التحديات التي تواجهها حماية البيانات الشخصية الرقمية
التحديات الناجمة عن التسارع المذهل لتطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وهي التكنولوجيا
التي تيسر للسلطات العامة والمؤسسات الخاصة الوصول إلى البيانات الشخصية الرقمية للأشخاص
واستخدامها على نطاق واسع غير مسبوق في أعمالها وأنشطتها المختلفة. وقد أضحت البيانات
الشخصية الرقمية قيمة اقتصادية يسعى إليها المستثمرون بكل الوسائل، من أجل تعزيز فرص وصولهم
إلى شرائح أكبر وأوسع من الزبائن، وتنمية فرص استثماراتهم. ولذلك برزت ضرورة إيجاد التوافق بين
التدفق السلس للبيانات الشخصية والمعلومات وتحقيق التواصل الفعال من جانب، وتوفير الحماية لها
من جانب آخر.واستجابة لهذه التحديات فإن المشرع العماني أصدر قانون حماية البيانات الشخصية،
وأصدر المشرع المصري قانون حماية البيانات الشخصية، ومن قبلهما أصدر الاتحاد الأوربي لائحة
حماية الأشخاص الطبيعيين فيما يتعلق بمعالجة البيانات الشخصية وحرية نقلها. تهدف هذه الورقة
لتحديد الطبيعة القانونية للبيانات الشخصية الرقمية، التي تحقق التوازن بين مصلحة صاحب الخصوصية
الرقمية في حماية بياناته وبين مصلحة المهني من الاستفادة بهذه البيانات كقيمة اقتصادية أو تجارية.
وتستعين بالمنهجين الوصفي والمقارن لبيان القواعد التي تضمنتها القوانين موضوع الدراسة وقد تم
تقسيمها إلى مبحثين؛ في المبحث الأول نبين ماهية الخصوصية الرقمية، وفي المبحث الثاني نبين
مقومات الخصوصية الرقمية