تعنى هذه الأطروحة بقراءة الآليات الذهنية التي يستخدمها القارئ أثناء قراءته ألي عمل أدبي، أي طريقة الدماغ في معالجة المعلومات، والتركيز على النواحي النفسية المتمثلة في الحواس، واالنتباه ليأتي اإلدراك حاسما لكل تلك العملية، ومنهيا إياها عن طريق استدعاء
الذاكرة، وذلك باستدعاء المعارف السابقة، والخبرات، لبناء تصورات، وتمثالت عن المقروء، وقد تم كل ذلك من خالل قراءتنا لديوان طرفة بن الوردة لقاسم حداد، الديوان الذي سرد فيه سيرة الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد البكري، عن طريق اتخاذ منهج الشعريات المعرفية منهجا نتتبع من خالل أدواته المتمثلة في )الطرازية، والتماثلات"التصورات"، وعوالم النص، وعوالم الممكن، واألفضية الذهنية(، عوالم قاسم حداد اإلدراكية، وتوليده لهذا العمل. وقد كنا قد انطلقنا من إشكالية: ما اآلليات التي يتبعها الذهن في معالجته للمعلومات؟ وخرجنا من ذلك بنتيجة مفادها أن الحواس هي العتبة األولى من عتبات اإلدراك، وأن قاسم حداد قد ضيق على نفسه بإدراكه لصورة نمطية لطرفة بن العبد،
فهو يحلق في أفضية الموت، والخذالن، والمرارات، ولم يتجاوزها، كما الحظنا أن قاسم حداد لم يكن معنيا بتغيير مالمح التاريخ بل نقد شخصية طرفة، وأدبه، وجمع ما كتبه
المؤرخون، والنقاد عنه، بأسلوب حيادي، كما خرجنا بنتيجة أن النظريات المعرفية ممكنة
التطبيق في األدب لكونها تظهر العالقة بين الفكر )المتمثل في اإلدراك(، واللغة )كونها
ِّر عن
النتيجة، وطريقة التعبير عن الفكر(، فاللغة هي داللة اإلدراك، والوعي، وهي المعبّ
ذلك كله، فنحن نفكر باللغة، وبها ننقل أفكارنا، ونتبادل المعلومات مع اآلخرين، وخلصنا
أخيرا إلى أن ما أدركه قاسم حداد عن طرفة هو خاصيات الموت، ومصارعة الدسائس،
والظلم، واألحقاد، وقد كان لعوالم النص التي نختزلها في المكان دور في ظالمية المكان،
الذي لم يتغير وهو البحرين الظالمية منذ طرفة إلى حداد، فالمكان هو البطل ال طرفة في
هذا العمل