تعتبر البيئة البحرية من أغنى البيئات على سطح الأرض و ذلك للتنوع البيولوجي الضخم الذي تضمه. و قد كان لهذا التنوع دورا مهما في خلق بيئة تنافسية للكائنات البحرية، ممثلة على سبيل المثال في التنافس للحصول على الغذاء أو مكان للعيش. لهذا كان لكل نوع من الكائنات البحرية أسلوبه و طريقته الخاصة للإستجابة أو الرد على هذا النوع من العلاقات و التداخلات الإيكولوجية، حيث أن بعض الكائنات البحرية و على وجه الخصوص الكائنات الثابتة والتي لا تستطيع الإنتقال و التي لا تحتوي على أعضاء دفاعية كالأشواك و الهياكل الصلبة تستخدم أسلوب الدفاع الكيميائي و الذي يتمثل في إفراز مواد كيميائية قد تكون سامة أو قاتلة للخلايا أو مانعة التغذية لأعدائها من الكائنات الأخرى. و قد أكدت دراسات عديدة سابقه فعالية هذه المواد للإستخدام في مجالات صناعية مختلفة. ففي المجالات الطبية تدخل في صناعة الأدوية و المضادات الحيوية. و تستخدم كذلك في صناعة مواد التجميل و صناعة المواد المانعة لتراكم المواد العضوية و الكائنات الدقيقة على أجزاء هياكل المنشآت البحرية المتعرضة للمياه كالسفن و مرشحات محطات توليد الطاقة و تحلية المياه و أقفاص الاستزراع السمكي و غيرها و ذلك كبديل طبيعي لما كان يستخدم من مواد تضر بالبيئة. و يعد المرجان الناعم واحدا من الحيوانات البحرية الثابتة، و التي تفرز مواد كيميائية للدفاع عن نفسها لعدم وجود وسائل الدفاع المعتادة كالأشواك أو الهياكل الصلبة في جسمها. فقد هدفت هذه الدراسية إلى إختبار الفعالية الحيوية المستخلصات المرجان الناعم (Soft corals) كمضادات البكتيريا المسببة للنموات الحيوية في البيئة البحرية و البكتيريا الطبية المسببة للأمراض. وقد تم في هذا البحث دراسة الفعالية الحيوية لمستخلصات ستة أنواع من المرجان الناعم و الذي تم جمعه من منطقة بندر الخيران في مسقط، و تم تحضير هذه المستخلصات بتقطيع المرجان الناعم و نقعه في محلول مخلوط من الميثانول و الكلوروفورم بنسبة 1 1: لمدة أسبوع، و قد كررت هذه العملية ثلاث مرات حتى يتم إستخراج أكبر قدر ممكن من المواد الموجودة في المرجان الناعم. و كانت المستخلصات الخام الناتجة من كل نوع قد اختبرت كل على حده على مجموعتين من البكتيريا. المجموعة الأولى تحتوي على أربعة أنواع من البكتيريا، و التي تم أخذها من البيئة المحيطة للمرجان و هي بكتيريا تسبب تكوين النموات الحيوية (Biofouling). و المجموعة الثانية لبكتيريا طبية مسببة للأمراض و عددها ستة أنواع. و قد تم هذا الإختبار بإستخدام طريقة أقراص الإنتشار (Disc diffusion assay) حيث وضعت كمية مناسبة من كل مستخلص على الأقراص، و من ثم وزعت على أطباق البتري التي تحوي وسط الأجار المغذي (Nutrient agar) و البكتيريا المراد إختبارها. و حددت الفعالية الحيوية لهذه المستخلصات بالحلقات الخالية من نمو البكتيريا حول الأقراص و التي قيست أقطارها بالملليمتر لمقارنة قوة فعاليتها. و قد أظهرت إختبارات المضادات البكتيرية أن جميع المستخلصات الخام للستة أنواع من المرجان الناعم لها فعالية حيوية على الأكل ضد نوعين من البكتيريا المرضية. حيث أظهر مستخلصي الخام لنوعي سينولاريا 1 (1.Sinularia sp) و كلاديلا (.Cladiella sp) قدرتهما على تثبيط نمو خمسة أنواع من أصل ستة من البكتيريا المرضية. في حين أظهر مستخلصي الخام لنوعي سينولاريا 1 (1.Simularia sp) و سكليرونيفثيا (.Scleronephthya sp) فعالية حيوية ضد بكتيريا الأشيزكيا القولونية (Escherichia coli) و التي قاومت المضاد الحيوي المعياري ستريبتوميسين ( Streptomycin). و لم تظهر المستخلصات الخام الستة للمرجان الناعم أي فعالية حيوية ضد البكتيريا البحرية؛ إلا لمستخلص الخام النوع كلاديلا (.Cladiella sp) ضد بكتيريا باسطس (.Bacillus sp). و قد تم تجزئة المستخلص الخام لنوع كلاديلا بواسطة عمود الكروماتوغرافي؛ و ذلك لعزل المواد ذات الفعالية الحيوية. و تبين عن طريق استخدام کروماتوجرافيا الغاز و المطياف الكتلي ( GC - MS ) أن المادة الفعالة هي مركب حمض هيدروکسي تراي تراي أكونتنويك (Hydroxytritriacontanoic acid). لذا فقد يكون لهذه الأنواع الفعالة السابقة الذكر أهمية كبيرة، إذا ما تم إخضاعها للبحث و الكشف عن خصائصها و وظائفها. و تعد هذه الدراسة الأولى من نوعها على مستوى سلطنة عمان، و التي كشفت عن مكامن جديدة البحث في هذا المجال. و نظرا لتمتع السلطنة ببيئة بحرية متنوعة و زاخرة فإن هناك المزيد من الموارد الطبيعية البحرية للإكتشاف مستقبلا