إن الاشكالیة التي یتهیكل حولها هذا البحث، یؤطرها سؤال لماذا هذا التردي المضطرد للوعي التاریخي في الفكر العربي؟ هذا السؤال یتجدد في صیغة أخرى، تلك التي طرحتها النخبة العربیة الإسلامیة منذ القرن التاسع عشر بالصیغة الشهیرة للأمیرشكیب أرسلان، "لماذا تأخر المسلمون وتقدم غیرهم". لا شك أن تجدیدنا للسؤال النهضوي، بصیغة موازیة ومناظرة: لماذا تأخر الوعي التاریخي العربي وتقدم عند الآخر؟، إنما یوميء بمباطنة دلالیة، تشیر إلى أننا بسؤالنا إنما نحدد ونعزو تأخر المسلمین، إلى عدم امتلاكهم الوعي التاریخي الذي كان مهماز تفوق وتقدم الآخرالغربي. هذا التناظر الدلالي بین سؤالنا الراهن، والسؤال النهضوي السالف، سیعود إلى الخلاصة النظریة التي انتهى إلیها المشروع الفكري المتمیز للمفكر المغربي عبد الله العروي