تعد الأشعار الاجتماعية والسياسية من أهم التيارات الأدبية الحديثة لاسيما في العراق، فقد تطوّرت هذه التيارات في نهاية تكاثر ظلم الدول الاستعمارية هادفة مقاومة الاستعمار وعوامل الاضطرابات الاجتماعية، وكانت هذه الأشعار مرآة تتجلّى فيها الآلام والصمود والحرية وتتحدّث عن المشاكل الاجتماعية، وقد نادى بها أكثر الشعراء خاصة عبدالوهاب البياتي، وكانت للبياتي رؤية شعرية تتناسب مع حياته، ومجتمعه، وفكره العقائدي، وثقافته، فكانت رؤيته رؤيةً ناضجة على المستوى المضموني والفني، فهي ليست رؤية سطحية وهامشية، بل توغّلت في عمق الأحداث التاريخية، وجوهر القضايا الجديدة،وقدّمت للمتلقّي العبر، ووضعته على طريق الخلاص، كما تعبّر بقوّة وحيوية عن قضاياه كافة، وأظهرت حقيقة انتمائه إلى أصله الآدمي الإنساني، وقوّة علاقته بالكادحين والمعذّبين، وأكدت إيمانه الشديد بضرورةالعمل الجماهيري الثوري الدؤوب،بغية إنجاز الإصلاح في حياتناالمعاصرة التي تزداد
سوءاً يوماً بعد يوم، وتزداد تردّياً وفساداً.
إن رؤية البياتي الشعرية مرتبطة بنشأته الاجتماعية، ومتأثّرة بأفكاره، ولهذا لا نجد غرابة في أن يتسم شعره بالواقعية، وأن يعبّر عن قضايا الإنسان ومشكلاته في المجتمع والحياة، وأن يكون ذا مضامي فكرية وسياسية وإصلاحية.
يعالج هذا النص المشاكل الاجتماعية، من الأشعار الإصلاحية للبياتي بنوعيها السياسية والاجتماعية. ومن أهم ما توصلت إليه هذه المقالة أنّ شاعرنا البياتي لم يترك إشكالية ذات أهمية في الحياة والمجتمع إلاّ ووصفها ف شعره، وعبّر عنها انطلاقاً من رؤيته الإصلاحية التي ترفض أن ترى الفساد بكل أنواعه، وتسكت عليه، وألاّ تشير إلى خطره الذي يشتدّ ويمتدّ بي الشعوب من غير أن تحدّه حدود، أو تمنعه موانع، فهو شاعرٌ ذو رؤية، يرى بها الأخطاء، ويبدي رأيه في تصحيحها؛ لأنّ موضوعاته الشعرية مستمدّة من المجتمع والحياة، فهي تعبّر عن قضاياهما، وليست مستمدّة من انفعالاته الوجدانية الخاصّة. فاللّغة الرؤيوية الشعرية البياتية لغةٌ إيحائية، وإشارية، وحركية استطاعت أن تعالج الموضوعات ذات الأهداف? السياسية والاجتماعية معالجة فنية وإبداعية.