يواجه العالم اليوم تحديات غير مسبوقة تهدد الهوية والمواطنة الرقمية في ظل تفاقم التطور السريع في بيئات التكنولوجيا المعاصرة، ومنها تقنية الذكاء الاصطناعي التي اقتحمت كل مجالات حياتنا في أدق تفاصيلها، ما أقلق المجتمعات بمختلف ثقافاتها وتنوعاتها، وليس هذا بعيدا عن مؤسسات المعلومات والأرشيف المتكفلة بحماية الهوية والمواطنة الرقمية، وتعزيزها في مواجهة العولمة الشرسة.
تناولت الدراسة التحديات التي تقلق المؤسسات المجتمعية الرسمية والأهلية النشطة وتؤثر في اللغة والثقافة العربية بكونهما ركنين رئيسين في تشكيل الهوية والمواطنة الرقمية، من خلال مقاربات نظرية في تحديد مفاهيم اللغة والثقافة وتضافرها ، ومفاهيم الهوية الرقمية، والمواطنة الرقمية، والوعي الرقمي، والعولمة، وإرتباطاتها بالأرشيف الوطني. وتهدف الدراسة إلى معرفة حقيقة الوضع الراهن في المؤسسات المعلوماتية متمثلة بمركز عيسى الثقافي، ووضع خطة رؤيوية حديثة واقعية شاملة تحول التحديات التي تواجه اللغة والثقافة العربية إلى فرص لتعزيزهما من جانب، ووضع تصور تطبيقي لتطويع البيئة الرقمية، للإستفادة منها في حفظ اللغة السليمة والثقافة العربية الأصيلة من جانب آخر، وتركز الدراسة على كشف سبل المحافظ على اللغة العربية والثقافة العربية، وتعزيزهما كمظاهر متقدمة للمحافظة على الهوية والمواطنة الرقمية، وإيجاد وعي رقمي في ظل التقدم التكنولوجي الهائل والمتسارع.
انتهجت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي (دراسة حالة) حيث قسمت إلى قسمين بارزين نظري وتطبيقي، ففي النظري حددت المشكلة، ووصفت، وبينت أهميتها، وتحديد أسئلتها، وملاببساتها المختلفة، ثم دراسة مفاهيمها وأدبياتها. وفي القسم التطبيقي جرى تحديد أدوات الدراسة المتمثلة في المقابلات الشخصية المنظمة كأداة بحثية على عينات مختارة ومحددة تعمل في مركز عيسى الثقافي في مملكة البحرين. ومن ثم تطبيقها وفق إجراءاتها العلمية، والإنتهاء إلى نتائجها وتوصياتها وتأثيراتها المرجوة.
يتوقع أن تؤكد الدراسة على وجود حقيقي للتحديات وتلمسها من قبل مركز عيسى الثقافي كونها مؤسسة معلوماتية وأرشيفية بارزة في مملكة البحرين، ورصد الجهود المبذولة في تخفيف حدتها، وإقتراح برنامج ممنهج لتعزيز اللغة والثقافة العربية في ضوء التكنولوجيا الرقمية الحديثة.