في كانون الأول / ديسمبر 1884 طرحت دورية ألمانية «ش هرية برلين» على قرائها السؤال التالي: «ما هي الأنوار؟»، وقد تولى الفيلسوف الألماني « إمانويل كانط» الإجابة على السؤال بمقال شهير لا يزال يحظى باهتمام كبير؛ حيث عرف «كانط» الأنوار بقوله: «خروج الإنسان من حالة الوصاية عليه، والتي هو المسؤول عنها. وحالة الوصاية هذه هي عجژه عن استعمال عقله دون إرشاد من غيره. إن حالة الوصاية هذه ليست آتية من نقص في الإدراك العقلي؛ بل من نقص في الإرادة والشجاعة في استعمال العقل دون توجيه من الغير، فلتكن لك شجاعة الاهتداء بعقلك وحده، ذلك هو شعار الأنوار». إن هذا التعريف الذي يسوقه «كانط يحيل إلى ظاهرة فكرية واسعة الانتشار عرفتها أوروبا القرن الثامن عشر، ذلك العصر التي تجلت فيه فلسفة الأنوار في عدة مجالات؛ كالنقد الديني الذي تجلى في حركة الإصلاح البروتستانتي، والتي دعت إلى حرية تأويل النصوص المقدسة، وحاربت الطغيان الكنسي، ورفضت فكرة الوسط بين الرب والعبد، كما قامت هذه الظاهرة على تأكيد أولوية الإنسان، ودعم استقلاله وإرادته، ورفعه إلى مستوى يكون فيه مرجع شوكه، والقاعدة المعيارية لممارسته الاجتماعية بإزاحة أنماط الشرعية السياسية المتعالية و«الحق المقدس»، باعتبار أن شرعية الشلطة يجب أن تكون نابعة من التعاقد الاجتماعي الحر.