یعتبر هذا المقال محاولة لتغییر وجهة النظر في موضوع من الموضوعات الفلسفیة بأصالة وهو موضوع الشر. لم یكن تغییر الوجهة سهلًا لو لم یتم أولاً فیما انتهى إلیه نظر غیرنا في لغتنا أو في لغة غیرنا؛ لأن ما سلكوه من الطرق وما شقوه منها یسهل شق طرق أخرى وسلوكها. ماذا لولم یُشَقَّ ولا طریقٌ واحد و تُرِكَتْ تضاریس الأرض على أشكالها الأولى. إن ما انتهینا إلیه في الوجهة الجدیدة ما كان لینتبه إلیه لولا قراءة بعض من النصوص الفلسفیة التي تكلمت عن الموضوع، و سكوتها عما لم تتكلم عنه كأنه سكوت مقصود لإفساح مجال الكلام لمن یأتي بعد في زمان غیر زمانهم. من أجل ما سبق قسمنا المقال إلى قسمین: قسم لعرض وجهة نظر الفلاسفة وقد اخترنا منهم فیلسوفین هما الفارابي وابن سینا، وسیكون الحدیث عن المشكلة الفلسفیة والتعریف والأنواع والحكمة و فكرة الكل أو الجملة، وقسم لعرض وجهة النظر الجدیدة، فسیكون الكلام عما یعارض الوجهة في جل مكوناتها: معارضة مشكلة بأخرى، تعریف بآخر، أما أقسام الشر فلم ینشأ اقتراح تقسیم جدید لها، و أما فكرة الكل فقد قمنا بنقضها. ولنبدأ بأول عناصر هذا المقال وهو المشكلة الفلسفیة من وجهة نظر الفلاسفة.