يدرس موضوع فقه التحضر من منظور مقاصد الشريعة الضرورية قضيتين أساسيتين: قضية التحضر باعتباره فعلا إنسانيا مثمرا ومفيدا على صعد الحياة المختلفة، وقضية مقاصد الشريعة الضرورية باعتبارها وعاء فكريا ومرجعيا للتحضر ومسائله وعناصره. وهو يهدف إلى تقرير المشترك الإنساني الضروري على مستوى المعرفة والإنتاج والتنمية والتعاون والتواصل، وإلى تأسيس الفعل الحضاري الضروري المبني على الشريعة ومقاصدها السامية، بما يخدم هذا المشترك، نظرا إلى حقيقة المقاصد الشرعية الضرورية التي تحوي ما يصلح أن يكون إطارا مضمونيا ومنهجيا؛ لتحقيق الخير الإنساني المشترك. والحق أن معالجة التحضر من منظور مقاصدي لا يقتصر على الجانب الضروري لهذه المقاصد، والذي يعرف بالمقاصد الضرورية، وإنما يشمل كل الجوانب والعناصر المقاصدية الأخرى، ومن ذلك: المقاصد الحاجية والمقاصد التحسينية، وقد آثرت الاقتصار على هذا الجانب الاعتبارات علمية ومنهجية وفنية. ويمكن أن نبين ذلك في مناسبات أخرى، وبه تكتمل صورة الفعل الحضاري المبني على مراعاة المقاصد الشرعية بوجه عام.