تقترن الدعوات إلى الأصالة والهویة وحفظ الشخصیة الحضاریة، وما في معنى ذلك، بحالات وهنٍ في اشتغال الدینامیات الاجتماعیة -الثقافیة الدافعة نحو التقدم والتراكم والصیرورة، وتؤشّ ر على المیل- في حركة ثقافةٍ أو مجتمع- إلى الانكفاء والتراجع في مواجهة أسئلة الواقع والتطور، أو في مواجهة زحف التحولات المنهمرة على الاجتماع والوعي من دون انقطاع. لا تكاد ثقافةٌ تعود إلى نفسها عَوْدَ المُسْ تَمْسِك بمقدماته إلاّ متى اضطربت صلاتُها بحاضرها والمحیط الحاضن، وامتنع علیها التفاعُ ل الخلاّق مع المعضلات التي یطرحها علیها ذلك المحیط أو یحْملها على جَبْه بعضها والكُلّ. یتحوَّل الدّفاع الذاتي، أو الدفاع عن الذات، إلى میكانیزم تكراري لإعادة إنتاج الماهیة والمعنى بسبب انقطاع الصلة بدینامیات التغییر وطاقة الخلق والتجدید. وأحیاناً ما یقوم ذلك الدفاعُ الذّاتي مقام الإبداع والمشاركة كدینامیتین طبیعیتین یفترضهما كلُّ تطوٍّر سائلٍ: أي غیر محجوز أو معاق، فیتبدَّى كفعلٍ من أفعال التعویض النفسي تستعیر به الثقافة إیاها الممانعة السلبیة صیغةً لتمدید كینونتها في سیاقٍ مجافٍ ومناخ نابذ.