إن مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك ميدان هام يفتح أمام مستخدميه مجالا واسعًا للتعبير عما عندهم من الأفكار بحرية كاملة. ولكن للأسف قلما نجد فيها من يستفيدون منها بجدية أو يستخدمونها بشكل نافع. قد أصبحت اآلن بمثابة قمامة يرمى إليها كل شيء، فال محرر يقوم بتصحيح األفكار الفاسدة ُ أو بحذف الكلمات الضارة. كل من يملك حائطا فيها يصبح ملكا مستبدا. ومن الثلة النادرة الذين يستخدمونها بشيء من الجدية مؤلف كتاب »جبال صامتة« الدكتور جعفر. ومن يمر ىلع صفحات فيس بوك الخاصة به يشهد شعوره بمسؤوليته وصدق أمانته يف الكتابة. والكتاب ذاته في الحقيقة حزمة أثمار جمعها
ِ من أفكار رسمها على حائط فيس بوك الخاص به من حين لآخر. الكاتب مهنيا طبيب في مستشفى حمدفي دولة قطر. حين يعالج المرضى الذين يمرون
عليه لا يقتصر علاجه على أداء أمانته الطبية بل يتجاوزها إلى توطيد علاقاته الودية معهم بحيث يعيش يف أعماق قلوبهم أبد للأبد حتى بعد فترة العلاج.
هكذا نقرأ في هذا الكتاب أصدقاء كسبهم من مختلف الجنسيات يف دول عديدة ظل التواصل معهم من بعيد حتى بعد أن غادروا إلى بالدهم. وكذلك نراه ً أيض ً ا يراقب ظروف حياتهم حتى يستفيد منهم بمعلومات تقوده إلى شاطئهم املجهول. فمثال مرة حدث أن عالج امرأة أمريكية اسمها »جانيت«، ولكن فوجئ ً باسم زوجها عبد القادر الصويف مكتوب ُ ا ىلع أوراقها الطبية. م ً سلم صويف وزوجة مسيحية، طبعا بدا له هذا غريبا، وأراد استطالعه فاستفسر من تلك المرأة ُ التي يعالجها عن أسرار زواجها من مسلم، فاكتشف أنها مسيحية الأصل ولكن اعتنقت الإسلام مؤخرا بعد زواجها من عبد القادر الصويف، وأن تغيير اسمها تحت إجراءات رسمية لم تكتمل بعد.