تمثل جربة اليوم أحد أهم الأقطاب السياحية في البلاد التونسية وشرقية المتوسط، ولقد تأتي لها ذلك بفضل مزايا الجغرافيا، فهي بلد الفصل الخامس أو بلد الربيع الطويل؛ ولكن أيضا بفضل ثراء تجربتها التاريخية الخصبة التي رصعتها بجملة من المواقع والمعالم، أهمها مساجد الجزيرة التي يحلو للذاكرة الشعبية أن تقول: إنها على عدد أيام السنة، ونجد صدی تاریخ جربة منذ الملحمة الهوميرية، كما كانت جربة محطة من محطات التوسع الفينيقي، كما كان بالجزيرة حظها من الرومنة، لكن لا يعنينا هنا أن نستعرض کامل تاریخ جزيرة جربة ما يهمنا أكثر أن نقدم للقارئ الكريم كيف أصبحت الجزيرة ملاذا للإباضية، وكيف نجح هؤلاء في القرون الخمسة الأولى من الهجرة النبوية في المحافظة على هويتهم المذهبية وشخصيتهم الثقافية بفضل تنظيم محكم محوره نظام العزابة، وأداته المدرسة والمسجد رغم الضغوطات الداخلية والخارجية. ولعله من المفيد أن نقدم قبل ذلك بسطة موجزة عن الخصائص الجغرافية للجزيرة، وسنكتفي فيما يخص التاريخ القديم بالتعرض إلى أصول تسمية الجزيرة.