يعد الأرشيف بمثابة الذاكرة الجماعية للأمة ومنبع حضارتها، ومرآة تاريخها، ونشاطاتها داخل كل المؤسسات بمختلف مستوياتها، المحلية والولائية الوطنية، فمن خلال الوثائق الأرشيفية يمكن إثبات الحقوق أو نفيها أو إستعمالها كدليل في التعاملات اليومية، أو في البحث العلمي، أو لإعادة دراسة قضية معينة وذلك بالرجوع والإعتماد عليه، وكونه يمثل المرجعية القانونية الرسمية داخل المؤسسات والإدارات ليكون بذلك المادة الأولية نحو تقصي الحقائق وبناء البحوث والدراسات.
أما حتمية التوجه نحو البيئة الرقمية إعتمدت مختلف المؤسسات أساسيات التكنولوجيا الحديثة لنكون عنصرا محوريا من شأنه أن يحقق أهداف إستراتيجية ترفع أساسا من كفاءة المؤسسة ودورها تجاه مستخدميها والمستفيدين منها، لا سيما إذا ما تحدثنا عن المؤسسة الأرشيفية التي أصبحت تتضمن أرشيفا رقميا معتبرا يبقى عاملا أساسيا في بناء الهوية الوطنية وتعزيزها وتوطيد معالم الديمقراطية في ظل توجه الباحثين للإطلاع على ما يحتويه الأرشيف بكونه المادة الرسمية التي من شأنها إثراء بحوثهم ودراساتهم.
تأتي هذه الدراسة للبحث في مسألة الأرشيف الرقمي ودوره في بناء الهوية الوطنية وتوطيد معالم دولة ديمقراطية قائمة على الشفافية والمسائلة، ومحاربة كل أشكال الفساد الإداري، من خلال عرض التجربة الجزائرية ممثله في مركز الأرشيف الوطني، ودوره في حفظ الأرشيف الرقمي، وسبل إستقلاله في بناء الهوية الوطنية، معتمدين في هذه الدراسة على المنهج التاريخي التحليلي الذي يتلائم وأبعادها الفكرية والعلمية لإلقاء الضوء أكثر على الدور المحوري الذي يلعبه الأرشيف الرقمي في الدراسات الإنسانية، وتعزيز قيم ومبادئ الهوية الوطنية كعامل موجه نحو تجسيد السيادة الوطنية.