لم يعد الإنسان المصدر المباشر الوحيد للمصنفات الأدبية والفكرية وغيرها، بل أصبحت هذه
المصنفات من إنتاج الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي أثار مناقشات قانونية حول ملكية هذه المصنفات،
وهل يمكن قانونا-على الأقل في ظل الأحكام القانونية الحالية-نسبة تلك المصنفات للذكي
الاصطناعي؟ إن هذه الجدلية تتراوح بين إشكالات الطبيعة القانونية للذكي الاصطناعي التي تدور بين
اعتباره شيئا أو شخصا اعتباريا أو شخصا إلكترونيا بمفهوم جديد للشخصية القانونية، وهذا من شأنه
أن يثير عدة إشكالات قانونية مردها الموازنة بين طبيعة الذكي الاصطناعي ومقتضيات أصالة تلك
المصنفات. إن شرط أصالة المصنفات ثابت لا بد منه لاستحقاق الحماية، لكن مقتضياتها قد لا تنسجم
مع الطبيعة القانونية للذكي الاصطناعي، الأمر الذي يقتضي مقاربة في ظل المتاح من الأحكام ومحاولة
تطويع تلك النصوص ضمن الأقرب لمقتضيات الأصالة، هذا بشكل مؤقت، أما بشكل دائم فيجب
الوصول إلى أحكام خاصة بالنسبة للمصنفات الناشئة عن الذكي الاصطناعيبحسب اختيار أحد الآراء
التي تتجاذب طبيعته القانونية ومحاولة تكييف مفهوم الأصالة وفقا لرؤية خاصة تنسجم مع تلك الطبيعة،
وذلك لتجاوز اختلالاتالموجود الحالي. إن البحث سيتناول مقتضيات الحماية القانونية لتلك
المصنفات وفق اختلاف الآراء في الطبيعة القانونية للذكيالاصطناعي ومفهوم الأصالة من الناحية
القانونية، لذلك فسوف يتم التعرض لكل طبيعة وتحديد مدى انسجامها مع مفهوم الأصالة الحالي، ثم
نعمد إلى اقتراح مفهوم للأصالة يتلاءم مع تلك الطبيعة، وبالنتيجة فإن البحث يحاول الإلمام بكل الآراء
والفرضيات الممكنة في الموضوع للوصول إلى الحماية الأفضل موازنة مع طبيعة الذكي الاصطناعي
ومقتضيات شرط أصالة المصنفات.