سياسة سلطنة عمان إزاء التطرف
إن هذه الدراسة تسعى جاهدة إلى المساهمة في الوصول إلى فهم أفضل وتفسير للعوامل التي تجعل من سلطنة عمان مختلفة عن الاتجاه الإقليمي والعالمي العام الذي يزدهر فيه التطرف، فالسؤال الذي تحاول الدراسة بحثه هو في ماهية البيئات والأسباب التي تجعل الحالة العمانية مختلفة عن حالات الآخرين؟
وما الذي مكنها من تحقيق هذا الوضع الاستثنائي المختلف من ترسيخ لمباديء التسامح والاعتدال والعيش المشترك بين مختلف الطوائف والأديان؟
هل يحدث ذلك عن طريق الصدفة وفقا لظروف بنيوية وهيكلية معينة، مثل العوامل الجغرافية أو العوامل التاريخية أو غيرها، أم أن ذلك لم يمكن تحقيقه إلا من خ لال تدابير وإجراءات وسياسات متميزة مقصودة في ذاتها وليست اعتباطية؟ وهو الأمر الذي من شأنه أن يشير أيضأ، بدلا من عوامل التاريخ والجغرافيا المشار إليها، إلى أهمية دور العامل البشري والمؤسسات البشرية في السماح بتحقيق الوضع الفريد الذي تتميز به سلطنة عمان بل وتمكينه من الاستمرار.
وإذا كانت تلك المؤسسات الرسمية تلعب بالفعل دورا رائدا في تميز الحالة العمانية، فإن السؤال الآخر الذي قد يكون مدعاة للطرح يتمثل فيما إذا كانت السياسات السياسية والدينية السلطات والجهات الرسمية المختصة ذات الصلة بموضوع مكافحة التطرف هي ذات اتجاه واحد فقط لفرضها من الأعلى إلى الأسفل في صورة أوامر وقرارات تعكس نهج ومقاربة النخبة صاحبة السلطة وصانعة القرار فقط، أم أنها في الواقع عملية متبادلة تسير في الاتجاهين لتعبر كذلك عن واقع المجتمع العماني والثقافة العمانية الأصيلة؟ من خلال البحث المستفيض فإن هذه الدراسة تخلص إلى أن سياسة مكافحة التطرف تسير في كلا الاتجاهين معا في آن واحد.