أصبح دور البرلمانات أو المؤسسات التشريعية اليوم أكثر شمولا ، و اتساعة، و استيعابة ، فلم يعد ذلك الدور مقصورة على المستوى المحلي فحسب، بل تعدى ذلك إلى المستوى الدولي، وهذا إن دل على شئ فإنما مرجعه إلى التداخل و التمازج الكبير في ميادين السياسة الداخلية مع السياسة الخارجية، حيث أن هذا التداخل يحتم على هذة المؤسسات التشريعية زيادة درجة المشاركة و المعاونة فيما بينها في شتى المجالات و الأصعدة ومع إزدياد علاقات الصداقة مع مختلف دول العالم، وتنوع الأنشطة الخارجية على ميادين الساحة الدولية، و مشاركة البرلمانات في تمثيل الحكومات، أصبحت اليوم " الدبلوماسية البرلمانية أحد المشاهد السياسية التي ترتبط بأعمال البرلمانات الخارجية في مختلف دول العالم. لذلك نقف هنا وقفة مع الدبلوماسية البرلمانية و ممارسة مجلس الشورى العماني لها. يقدم هذا البحث خلفية نظرية بما يتعلق بمفهوم الدبلوماسية البرلمانية ومظاهرها، وتأثير العلاقات البرلمانية على السياسة الخارجية للدولة، كنشاط معزز ومكمل للدبلوماسية الكلاسيكية وذلك من خلال استعراضه للدبلوماسية البرلمانية التي يمارسها مجلس الشوري العماني، أحد جناحي مجلس عمان، والذي يتكون من مجلس الدولة المعين ومجلس الشورى المنتخبة لقد شهد مجلس الشورى منذ أن تأسس في عام ۱۹۹۱مر تطورا متواصلا وخصوصا في ظل الصلاحيات التشريعية والرقابية التي منحت له وفق النظام الأساسي للدولة في عام ۲۰۱۱م، حيث يأتي ذلك حرصا من جلالة السلطان قابوس بن سعيد حفظه الله ورعاه - لكي يمكن المجلس من أداء دوره في مسيرة النهضة الشاملة على أكمل وجه بالمشاركة الحقيقية مع مؤسسات الدولة المختلفة والمواطن يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على مساهمة مجلس الشورى في الشؤون الخارجية للسلطنة بعد توسيع صلاحياته، وذلك عن طريق دراسته الممارسات المجلس في هذا الجانب، والتي اتضح من خلالها أن المجلس يساهم في الشؤون الخارجية من خلال جانبيين، الجانب الأول متعلق بالمستوى المحلي، وذلك عن طريق قيام المجلس بدراسة و إبداء المرئيات حول مشروعات الاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية الدولية التي تعتزم السلطنة إبرامها أو الانضمام إليها ، المحالي إليه من الحكومة، حسب ما جاء في الصلاحيات الممنوحة له في المادة (۵۸)، مكررا 11). أما الجانب الاخر هو عن طريق ممارسته للدبلوماسية البرلمانية، من خلال وسائلها المختلفة، والتي تتمثل في الدبلوماسية البرلمانية الجماعية و التي تمارس في إطار المنظمات والاتحادات البرلمانية الدولية وكذلك الدبلوماسية البرلمانية الثنائية و التي تنعكس في تبادل الزيارات البرلمانية أو تشكيل مجموعات الصداقة البرلمانية مع مختلف البرلمانات، إلا أن تركيز البحث بشكل اساسي يكون على ممارسة مجلس الشورى المتعلقة بالدبلوماسية البرلمانية، وذلك بدراسته للآثار الايجابية للعلاقات البرلمانية على السياسة الخارجية لسلطنة عمان لقد قد أدركت السلطنة وفق الفكر السامي لجلالة السلطان كيف لها أن توظف تاريخها ومركزها الاستراتيجي الجغرافي و حاضرها المشرق المبني على علاقات متوازنة وجيدة مع الاخرين في تحقيق مكانتها كرمز للسلم في العالم عبر دبلوماسية أصبح لها مسارها المميز بين الشعوب، بما يحقق الاستفادة القصوى من العلاقات مع العديد من الدول، وفي هذا الجانب حرص مجلس الشورى على أداء نشاطه الخارجي بما يتماشى مع هذه المبادئ و الثوابت كما أرسى دعائمها عاهل البلاد المفدى، قدم البحث في نهايته أمثلة على ممارسة الدبلوماسية البرلمانية في المجالس التشريعية الدول الخليج العربية ، وتطرق بعدها إلى ذكر العوامل التي لها دور في الإسهام في نجاح وفعالية الدبوماسية البرلمانية المجلس الشورى مقارنة إلى دول الخليج العربية، ومن هذه العوامل الصلاحيات الموسعة التي تم منحها المجلس الشورى، والاستقرار الأمني والسياسي لسلطنة عمان ، بالاضافة إلى سياسة خارجية متميزة وناجحة، مرتكزة على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى و مؤكدة على أهمية وجود علاقات دولية جيدة و متوازنة، وهي التي جعلت عمان تحظى بمكانة دولية متميزة بين دول العالم . وأخيرا إن تنظيم عملية التواصل و تطوير وسائلها بين وزارة الخارجية و مجلس الشورى العماني، وقيام المجلس بتعزيز التدريب البرلماني في مجال الدبلوماسية البرلمانية للأعضاء و الموظفين، مع دعم وسائل الإعلام المختلفة النشاطات المجلس الخارجية، كلها مقترحات من شأنها أن تسهم في فعالية ممارسة الدبلوماسية البرلمانية و زيادة أثرها الايجابي على العلاقات الدولية الكلمات المفتاحية، الدبلوماسية البرلمانية، مجلس الشورى العماني، السياسة الخارجية.