ما نعنیه بالعقلانیة العلمیة هي تلك العقلانیة التي أنتج من خلالها العلماء علومهم
المختلفة. وهي بصیغة أُخرى المسئولة عن إنتاج المعرفة العلمیة. وهناك معنى ثانٍ للعقلانیة العلمیة، حیث تستخدم للإشارة إلى نظام فلسفي معین أقیم تحت تأثیر العلم، مثل فلسفة رسل أو الوضعیة المنطقیة أو الماركسیة، فكل واحد من هؤلاء یعتقد أنّ فلسفته هي العقلانیة العلمیة فقط. قمنا بدراسة العوامل المشتركة بین أصحاب العقلانیات العلمیة المختلفة من أجلالوصول إلى الحد الأدنى الذي یتفقون حوله. وقد توصلنا إلى مبادئ ستة موجهة.هي
أولا: مبدأ مصادر المعرفة الأربعة.
ثانیا: مبدأ حصر النشاط المیتافیزیقي على العقل.
ثالثا: مبدأ ضرورة الموضوعیة في المعرفةالتفسیر السببي
رابعا: مبدأ الفصل بین عالم السماء وعالم الإنسان.
خامسا: مبدأ الفصل بین الأنساق الثلاثة.
سادسا: مبدأ الالتزام بالروح العلمیة.
نحن نعتقد بأنَّ العقلانیات العلمیة -تتبنى إلى حد ما- المبادئ الستة بوصفها تشكل نقطة انطلاقها، ثم هي تختلف فیما بعد ذلك. وجاءت هذه الفلسفات تحت تأثیر وتطور العلم الوضعي في أوروبا منذ عصر النهضة. وكان السؤال المطروح علینا منذ فترة هو: هل تشكلت عقلانیة علمیة من أي نوع كان في التراث العربي الإسلامي بفعل العلوم الریاضیة والتجریبیة فیه؟ وقد أنجزنا في الإجابة عن السؤال السابق أطروحة دكتوراه دولة سنة 1998 م( 2). ولم
نتعرض فیها للفقیه الماوردي، ومن ثم سنحاول في هذه الدراسة معرفة ما إذا كانالماوردي الفقیه قد تشكلت لدیه عقلانیة علمیة من نوع ما.