يعزى القول بالصرفة - عند كثير من الباحثين - إلى بعض التيارات التي وفدت علينا من الخارج، ويرى أصحاب هذا القول إن بعض المتفلسفين من علماء الكلام وقفوا على أقوال البراهمة في كتابهم الفيدا، وهو يشتمل على مجموعة من الأشعار، ليس في كلام الناس ما يماثلها في زعمهم، بل يقول خاصتهم: إن البشر يعجزون عن أن يأتوا بمثله؛ لأن براهما صرفهم عن أن يأتوا بمثلها، يقول أبو الريحان البيروني (ت: 440ھ/1048 م) في كتابه (ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة) ما نصه: «إن خاصتهم يقولون: إن في مقدورهم أن يأتوا بأمثالها ولكنهم ممنوعون عن ذلك احتراما لها)، والظاهر أن هذه الفكرة قد وفدت للساحة الفكرية الإسلامية عندما ترجمت الفلسفات الهندية في عهد أبي جعفر المنصور ومن جاء بعده من حكام بني العباس، فتلقف الذين يحبون گل وافد من الأفكار و يركنون إلى الإغراب في أقوالهم هذه الفكرة الغريبة الوافدة، ودفعتهم الفلسفة إلى أن يعتنقوا هذا القول ويطبقوه على القرآن وإن كان لا ينطبق فقال قائلهم: إن العرب. إذ عجزوا عن أن يأتوا بمثل القرآن - ما كان عجزهم لأمر ذاتي من ألفاظه ومعانيه، ونشجه ونظمه؛ بل كان لأن الله تعالى صرفهم عن أن يأتوا بمثله».