شهدت النهضة الثقافیة في العالم الإسلامي في العصر الحدیث توسعاً واضحاً ابتداءً من منتصف القرن التاسع عشر، وكان من نتائج هذا التوسع إثارة التفكیر النقدي لدى العدید من المفكرین المسلمین حول الحالة العامة لمجتمعاتهم في عالم یموج بالمتغیرات، وكانت جهود هؤلاء المفكرین تنصب حول تقییم الواقع الإسلامي وإمكاناته في جمیع المجالات بالمقارنة مع متطلبات العصر الحدیث، وقد أدت بهم هذه الجهود إلى إبراز نواقص وعیوب النظام الاجتماعي الثقافي المعمول به في البلاد الإسلامیة، ولاسیما في مجالات التربیة والبحث العلمي والتكنولوجیا والتجهیزات الحدیثة في جمیع قطاعات النشاط الاقتصادي. وقد حظیت قضیة تأخر الشعوب المسلمة بالقیاس للتقدم الحاصل في أوروبا وأمریكا في ذلك الوقت بحضور واسع في الصحافة الإصلاحیة، بل في جمیع المنشورات التي كانت تروج الأفكار الحدیثة في نهایة القرن التاسع عشر، فقد كانت هذه القضیة تشكل أحد المحاور الكبرى والثابتة في مجلة (العروة الوثقى) التي كان ینشرها في باریس جمال الدین الأفغاني ومحمد عبده، وقد كانت مجلة (المنار) التي أنشأها في القاهرة عام 1898 م رشید رضا أحد المقربین من المصلح المصري الكبیر الإمام محمد عبده تستلهم روح مجلة "العروة الوثقى"، وتدعو هي أیضاً إلى إیقاظ الوعي الإسلامي، وتنبیهه إلى حقائق العالم المعاصر.