ربما تحولت مفاهیم مثل (الاعتدال) و(الوسطیة) إلَى مفاهیم هلامیة یصعب تحدید مدلولاتها. فضلًا عن أن شیوع الألفاظ وتداولها العمومي، مع قطع النظر عن جذورها ودلالاتها وما تختزنه من إحالات رمزیة ودلالیة - یجعلها تفتقر في مضامینها، وتتحول إلَى مجرد مفردات في لغة یومیة. وخلال هذه العملیة یتم ارتكاب الكثیر من التبسیط، خاصة من داخل التیارات الفكریة والدینیة التي ربما تستعیر ألفاظًا من القاموس الفكري الغربي، وتنقلها إلَى قاموسها الدیني تحت ذرائع یحركها الحماسة أَو التصورات البسیطة لمنظومة الأفكار وسیاقات نشأتها، ومن هذا القبیل وقعت استعارة الكثیر من المصطلحات من الفكر الغربي وتمت أسلمتها أَو إسقاطها على مفاهیم ومصطلحات إسلامیة وأحیانًا
قرآنیة!. ومن مظاهر النزعة التبسیطیة في الفكر الإسلامي أن یتم (تأصیل) التنویر وتسكینه في الفكر الإسلامي من مدخل ورود كلمة (النور) في القرآن، على اعتبار أننا نحن المسلمین-كما قال لي أحد الدعاة المصریین- أحق بالنور من العلمانیین!. ناهیك عن كثیر من المصطلحات الأخرى كالنسویة الإسلامیة، والشمولیة، والدولة الإسلامیة، والجهاد المدني، والأصولیة الإسلامیة... إلَى آخر القاموس الذي أورث فكرنا الكثیر من التشوهات في المفاهیم والتصورات القائمة على ترقیعات وتركیبات متنافرة مختلطة الأنساب.