شهدت السنوات الأخیرة اهتماما كبیرا یمكن لنا أن نرصده في كثیر من المؤتمرات والأبحاث والمقالات حول موضوع "الملكیة الفكریة" من مختلف جوانبه، نتیجة التطورات العالمیة الراهنة وكتجل من تجلیات العولمة، ذلك أن حقوق الملكیة الفكریة تكتسب الآن أهمیة كبیرة عند وضع السیاسات الدولیة والوطنیة في المیادین القانونیة والاقتصادیة والاجتماعیة فضلا عن الثقافیة.
فقد أصبحت موضوعا یفرض نفسه في العلاقات التجاریة والثقافیة بین الدول، كما أصبح لها تأثیر خطیر اقتصادیا وتكنولوجیا، مما دفع إلى التفكیر في البحث عن سبل لتوفیر الحمایة القانونیة لهذه الموضوعات مثل براءات الاختراع والتكنولوجیا الحیویة والتجارة الإلكترونیة والعلامات التجاریة إضافة إلى حقوق التألیف الأدبي والفني في مختلف المجالات العلمیة والإنسانیة. ویقصد بالملكیة الفكریة في معناها العام المعاصر الحقوق التي یوفرها القانون والمترتبة على أي نشاط أو جهد فكري یؤدي إلى ابتكار في المجالات الأدبیة والفنیة والعلمیة والصناعیة، وقد سعى العالم الغربي - خاصة في العصور الحدیثة- إلى الاهتمام بسن القوانین وتوقیع الاتفاقیات التي تحمي هذه الحقوق، في ظل ثورة المعلومات والمعارف، خاصة في مجالات التكنولوجیا الحیویة، والمواد الجدیدة، وعلوم الفضاء والطاقة الجدیدة والمتجددة، والاتصالات الكونیة الفائقة. فإذا كانت هذه الحقوق الفكریة تشمل مجالات الحقوق الصناعیة، والتجاریة، وحقوق التألیف والمصنفات الفنیة، فلا غرو أن یكون الاهتمام بها قد أصبح ضرورة ملحة خاصة في ظل عرض صناعي تجاري زراعي متطور، یغذیه العقل وتسیره الآلة وتحكمه التكنولوجیا.