بین كل القضایا الشائكة في العصر الحدیث، تبقى المسألة الشرقیة القضیة الأكثرأهمیة، والأكثر تعقیداً والأكثر ثباتاً. فمنها انبثقت المسألة الأكثر استعصاءً على الحل، ونقصد بها قضیة الشرق الأوسط، المفتوحة على كل الاحتمالات.
یعني الشرق بشكل عام بالنسبة لأوروبا الغربیة، الأجزاء الشرقیة من القارة القدیمة.وخلال القرن التاسع عشر وحتى عشیة الحرب العالمیة الأولى، حین ظهرت في جنوبي شرقي أوروبا مشاكل معقدة حول المسألة الشرقیة، جرت العادة على تسمیة بلدان شبه الجزیرة البلقانیة، سواء تلك التي كانت لا تزال خاضعة للإمبراطوریة العثمانیة أو تلك المنضویة في دول مستقلة، ببلدان الشرق الأدنى. الشرق الأدنى كان إذا الشرق الأوروبي. وعندما نشأت أزمات خاصة ومحددة في الأقالیم الآسیویة جرت العادة على تحدید موضع هذه الأزمات، بما سمي حینها بالشرق الأوسط، أي المنطقة الآسیویة الممتدة ما بین البحر الأبیض المتوسط، البحر الأحمر، بحر عُمان والخلیج العربي(أما
مصطلح الشرق الأقصى فقد أطلق ولا یزال یطلق حتى یومنا هذا على الشرق الآسیوي، یعني سیبیریا الشرقیة، الصین، الهند الصینیة والیابان. أما الیوم وقد أصبحت تركیا دولة آسیویة بشكل أساسي، وتعبیر الشرق الأدنى لم یعد یطلق على بلدان أوروبا الشرقیة، كما كان الوضع قبل عام 1914 م، فقد أصبح التعبیران: الشرق الأوسط والشرق الأدنى، یعبران عن ذات البلدان: العراق، تركیا، إیران، السعودیة، الكویت، دول الخلیج العربي، لبنان، سوریا، مصر وإسرائیل. أما الغرب، فهو یعني، بالنسبة للشرق، أوروبا الغربیة، الإمبراطوریة الرومانیة الغربیة، إحدى الإمبراطوریات الناجمة عن تقسیم الإمبراطوریة الرومانیة، التي دامت بین عامي 364 و 476 م، عادت وتوحدت مع شارلمان عام 800 م، وبقیت بشكل أو بآخر مفككه حتى العام 962 م، حین توحدت في الإمبراطوریة الجرمانیة المقدسة، التي تفككت عام 1806 . الغرب یعني الیوم، أوروبا الغربیة، إضافة إلى أمیركا الشمالیة، ولحد ما أمریكا الجنوبیة، إضافة إلى استرالیا ونیوزیلندة