لم يحظ سؤال الأخلاق في الفكر العربي المعاصر باهتمام كبير، فقد بدا لدى الكثيرين سؤالا «تقليديا» لا يستجيب للمشاغل الأيديولوجية لهذا الفكر. لا يعني ذلك أن الأخلاق لم تعد تعني الإنسان العربي، على العكس، ظلت الأخلاق موضوع متصلا بالسلوك؛ لكنه منفصل عن التفكير، ومن هنا ظلت كتب الأخلاق كتبا تقليدية أساسة، تحث على القيم المألوفة ولا تهتم بالخلفية الفلسفية التي تستند إليها هذه القيم، ولا شك أن كتابة مثل «إحياء علوم الدين» للغزالي يظل المرجع الأكثر شهرة إلى اليوم. صحيح أن انفتاح الفكر العربي على الفلسفة العالمية لم يمر دون لفت الانتباه إلى المساءلات الحديثة حول الموضوع الأخلاقي، فقد غربت کتب رئيسة في هذا الموضوع، مثل: «الأخلاق» لسبينوزا أو «نقد العقل العملي» لكائط، وغيرهما من المراجع المهمة في الموضوع. كما صدرت مداخل ودراسات تاريخية متنوعة، مثل كتاب مشكلة الأخلاق» لزكريا إبراهيم، وهو مستعمل بكثرة في الأكاديميات العربية، وما زالت أقسام الفلسفة بالجامعات العربية تنتج العديد من الأطروحات في الأخلاق من منظور تقليدي أو حديث، وهذا المسار العام متواصل منذ بداية القرن العشرين.