من أشهر الوثائق السیاسیة في عالم الیوم "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" الذي أصدرته الجمعیة العامة للأمم المتحدة في 10 دیسمبر 1948 م. ولم تصدر هذه الوثیقة من فراغ، فقد سبق للأمریكیین في حرب الاستقلال التي شنوها ضد احتلال بریطانیا لبلادهم، سبق لهم أن أصدروا "إعلان الاستقلال" في یولیه سنة1776 وضمنوه "أن كل الرجال قد ولدتهم أمهاتهم سواسیة" وأشاروا إلى حق الإنسان في الحیاة والحریة والمساواة. ثم لما كانت الثورة الفرنسیة في أغسطس سنة 1789 ، أصدرت إعلانا لحقوق الإنسان
وتضمن "یولد الناس أحرار ومتساوین في الحقوق". وما لبث هذا الإعلان أن صار ذا شهرة واسعة، وصارت مبادئه من الأصول التي انبنى علیها الفكر السیاسي الغربي في العصر الحدیث. وجاء "الإعلان العالمي..." في سنة 1948 مستندا للأصلین السابقین، فكان وثیقة دولیة ذات إشعاع على الدساتیر والقوانین الوطنیة التي تصدر في غالبیة الدول. وبعد صدور هذا الإعلان عملت الأمم المتحدة إلى إنجاز مهمة أكثر صعوبة، وهي تحویل مبادئ الإعلان
إلى مواد تتضمنها معاهدة دولیة تقرر التزام الدول المصدقة على هذه المعاهدة، التزامها قانونا بتطبیق هذه المبادئ أي تحویل المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان إلى أحكام قانونیة ملزمة. وأعدت مشروعي اتفاقتین، الأولى تتناول الحقوق المدنیة والسیاسیة والثانیة تعالج الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة. وفي 16 دیسمبر سنة 1966 صدقت الجمعیة العامة للأمم المتحدة على هاتین الاتفاقیتین، ولكن كان تنفیذ كل منهما یتطلب موافقة 35 دولة على الأقل. ولم یتوافر هذا العدد إلا بعد عشر سنوات. في 3 ینایر سنة 1976 بالنسبة للاتفاقیة الخاصة "بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة"، وفي 23 مارس سنة
1976 بالنسبة للاتفاقیة الخاصة "بالحقوق المدنیة والسیاسیة".