بعد أن عاد الإسلام من جديد ليصبح موضوع اهتمام غالبية الناس الذين يعتنقونه في مشارق الأرض ومغاربها، يحاول العالم الإسلامي اليوم أن يعود إلى استثمار المنظور السياسي الإسلامي الذي تأسس على قانون المزاوجة بين الدين والسياسة. وبرغم التأثير البليغ الذي تركه الاستعمار الغربي على الوضع العقلي والنفسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمسلمين، وبرغم القبضة الحديدية للأصولية العسكرية العلمانية المعادية للدين والتي حكمت جل أقطار الإسلام، برغم كل ذلك ولدت مقاربات إسلامية رأت أن الإسلام بإمكانه القيام بدور مهم في التحديث السياسي»، لا بحسب أنه الرمز الأصيل الذي يمثل القاع الثقافي للأمة فقط؛ بل باعتبار دينامية ومرونة نصوصه المتعلقة بالشأن السياسي، وباعتبار ما تحتويه هذه النصوص من مقاصد إنسانية واعدة سياسية، يمكن أن تنبثق منها مقاربة سياسية إسلامية رشيدة ومقنعة، بشرط أن يكون المدخل إلى ذلك عن طريق التمهيد لوضع عقلي يتبنى النسق التأويلي، الذي يقوم على منظور اجتهادي يراعي الثوابت والمتغيرات، ويحايث ويعاصر لحظة ما بعد الحداثة، ويتجه بكل اقتدار علمي وثقة في النفس نحو موقف نقدي لتراثنا السياسي السني والشيعي.