لا تقترنُ القيمة بالحقّ إلّا في عالَم بني الإنسان، فهما معنيان إنسانيان أعطاهُما العقل الإنساني هذه السِمة المبدئية. وعلى مديات التطور الإنساني ظلّ هذان يواجهان تحديات الاعتبار والاعتراف والرعاية، تارةً بسبب اعتقاد التفاوُت في العقول والقيمة الإنسانية ومن ثم التفاوت في الحق وطوراً للافتقار إلى قوة الإلزام. وبسبب هاتين العلتين فإنّ الافتراق بين القيمة والحق ظل حاصلاً وإن بدرجاتٍ متفاوتةٍ حتى الأزمنة الحديثة والمعاصرة. وهذا يعني أنه إذا عددْنا القيم فضائل (وهي كذلك)؛ فإنّ فكرتها ظهرت قبل ظهور فكرة الحقوق. نحن نعرف على سبيل المثال رُباعية أفلاطون في الفضائل في القرن الرابع قبل الميلاد: الحكمة والشجاعة والعفة والعدل، وقد عدها الكثيرون ومنذ القديم أيضاً مثالية، ومن سمات وأخلاق الإنسان الفاضل والنبيل. لكنْ كان هناك من قال في محاورة أو كتاب النواميس لأفلاطون: إنّ الرباعية مستندةٌ أيضاً إلى التجربة الإنسانية، والتي تتحول في الذهن أو اللب إلى دروسٍ وتجارب.