هدفت هذه الدراسة إلى معالجة واستنطاق المدلولات البنى النصية في الرواية العمانية عند أحد روادها، وهو الروائي سعود المظفر، من خلال تطبيق مفاهيم اللسانيات في شكلها البنيوي واتجاهاتها الدلالية المرتبطة بالظواهر الاجتماعية والثقافية للشخصيات، للوقوف على البنية الدلالية العميقة لشخصيات الرواية وتقديم رؤية تكشف كوامنها الداخلية وطبيعة علاقاتها بدائرة الأحداث، ورصد لأهم التحولات القيمية في شخصية الإنسان والمجتمع في عمان، عبر تقاطع نوعين من الخطاب داخل فضاء الرواية النصي (الخطاب التاريخي والخطاب المتخيل) مما جعل تلك الشخصيات علامة بارزة على ما أفضى إليه المجتمع الحالي في إطار الإجابة عن سؤال ضمني للرواية : كيف أصبح المجتمع العماني الآن على ما هو عليه ؟ وإلى أين يتجه ؟
والمنهج المتبع في هذه الدراسة ينطلق من المبادئ التي ناقشها بروب وغريماس وفيليب هامون في السرديات السيميائية في دراسة الشخصيات في الرواية، باعتبارها الدال على تلك الفترة، وعلامة أساسية في كشف الدلالات المتعددة لبنية المجتمع وعناصر تكوينه، تمثيلا لاتساق ثقافية وممارسات إنسانية متنوعة، تعمل بوصفها ركائز منتجة للمعنى ضمن منظمومة إجرائية مزدوجة تشمل الشكل والمضمون عبر معالجة العلامات المختلفة للشخصيات، في بنياتها الصغرى باستخدام التقنيات القائمة على مفاهيم قضايا الشكل (البناء الشكلي للشخصية ودورها داخل الخطاب الروائي) وقضايا مضمونية (العلاقات بين الشخصيات والأحداث) وفي بنياتها الكبرى عبر دراسة مرجعيات الشخصية فيما يعرف بقضايا الأثر الثقافي ( مرجعيات الشخصية ) مما يعطي التصور الكلي للشخصيات والرؤية العامة للنص الروائي.
تتكون الدراسة من ثلاثة فصول، إذ يمثل الفصل الأول تعريفا بمدونة الدراسة ( رجال من جبال الحجر ) ومدخلا نظريا يتناول الدراسة، وتناول الفصل الثاني البنيات الصغرى للشخصيات، وذلك في كيفية تقديم الشخصيات في الرواية وعلاقاتها بالشخصيات الأخرى وبالأحداث، واستنتاج النموذج العاملي للشخصيات وتعالقاتها الدلالية في حيزها الزماني والمكاني، أما الفصل الثالث فقد بحث في البنيات الكبرى للشخصيات عبر مناقشة إشكالية المرجعية الشخصيات الروائية، ومعالجتها في مرجعياتها التاريخية والاجتماعية والرمزية والأسطورية والتناصية وتخرج الدراسة بعدد من النتائج والتوصيات التي قد تساعد في وضع لبنات أخرى لدراسة الرواية العمانية من جوانب متنوعة ومتعددة .