بتزايد الاهتمام بحقوق الإنسان مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وخصوصا في العقد الأخير من القرن العشرين مع تراجع حدة الصراع بين المعسكرين الغربي والشرقي (نهاية الحرب الباردة، وتوحد الألمانيتين الشرقية والغربية، وسقوط أنظمة شيوعية شمولية في بولندا ورومانيا فضلا عن تفكك الاتحاد السوفياتي)، صار من الضروري البحث في شتى السبل التي تسمح بنشر ثقافة حقوق الإنسان على أوسع نطاق ممكن؛ وذلك حتى تتحول إلى مكون من مكونات الممارسة اليومية للبشر، ولتقطع بذلك التصور السائد الذي جعل منها محتكرة من قبل نخب فكرية وسياسية كثيرا ما وظفتها لخدمة مصالحها الخاصة، وكان من بين البل إلى ذلك التربية على حقوق الإنسان، ولا غرابة أن خصصت الأمم المتحدة عشرية (1995 . 2004) للتربية على حقوق الإنسان ضمن ما اصطلح عليه بعقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان (1995 - 2004). ومما لا شك فيه أن للمدخل التربوي دورا ناجعا في نشر قيم حقوق الإنسان وثقافتها وإشاعتها بين البشر، ويظل التساؤل مشروعا حول الأسس التي يجب أن يرتكز عليها هذا المدخل والتي من شأنها أن تیر عملية استيعاب تلك القيم وتبني التلاميذ/ الطلاب مواقف إيجابية منها ، كما يظل التساؤل مشروعا حول الكفايات التي لا بد للطالب / التلميذ من تملكها حتى ينزع عن حقوق الإنسان تلك النزعة التجريدية التي تحولها إلى مفاهيم ومقولات نظرية تتداول في الخطابين السياسي والإعلامي لا غير. لذلك تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة عن هذين السؤالين بما يسهم في تقديم تصورات ومقترحات تجعل من التربية على حقوق الإنسان نشاطا تربوية تراعى فيه الأبعاد المختلفة للبعد التربوي عامة.