Document
هل أسس ابن خلدون علم الاجتماع؟
Publisher
وزارة الأوقاف و الشوؤن الدينية
Gregorian
2006
Language
Arabic
Subject
Member of
Resource URL
Citation
جلال، محمد عبد الوهاب(2006). هل أسس ابن خلدون علم الاجتماع؟.مجلة التفاهم،(16)،1-11.استرجع من https://tafahom.mara.gov.om/storage/al-tafahom/ar/2006/016/pdf/16.pdf
Arabic abstract
الإجابة عندي هي: لا، فهو لم یؤسس علم الاجتماع، وما كان ینبغي له. وهذا لیس انتقاصًا من قدره، وهو المؤرخ والفقیه المشهود له بعلو المكان. ولیس محاولة للسباحة ضد التیار للفت الأنظار. إنما هي محاولة متواضعة لجذب الاهتمام إلَى المأزق الحالي لتاریخ العلوم في مصر (وفي غیرها من الدول الإسلامیة الأخرى). المدخل الذي اخترته لتفنید ادعاء تأسیس ابن خلدون لعلم الاجتماع هو تاریخ العلوم. ولنبدأ باستعراض سریع لثلاث من أكبر مشكلات تاریخ العلوم العربیة في مصروغیرهاوهذه المشكلات هي:
- هاجس السبق.
- الأمْثَلَة.
- اعتبار علوم السلف تراثًا.
أما هاجس السبق فهو ذلك الهاجس الذي یسیطر على أكثر المشتغلین بتاریخ العلوم العربیة، ومؤدّاه السعي إلَى العثور على ما یفید بأن عالمً ا من علماء المسلمین قد سبق عالمًا أوروبیا في الكشف عن حقیقة علمیة. وكثیرًا ما یتم ذلك عن طریق الاعتساف في التعامل مع المصطلحات. وقد طغى هذا التوجه على كل الأسئلة الأخرى الهامة التي ینبغي أن یطرحها المؤرخ مثل ظروف ومراحل تكون الأفكار، العقبات التي اعترضت مسارها، ارتباطها بالسیاقات الداخلیة للمعرفة والخارجیة في المجتمع.... وباسم هذا وهي إسقاط ،(anachronisme) التوجه یُرْتَكَبُ خطأٌ منهجيٌّ فادح هو المفارقة التاریخیة
مفهوم أَو فكرة أَو مصطلح من سیاق تالٍ على سیاق سابق یختلف عنه في المكونات والعناصر والخلفیات. وهذا المسلك یفضي إلَى خلط المفاهیم وإغفال حقیقة تطور العلم والسیاقات الإبستمولوجیة والاجتماعیة والخلفیات الفلسفیة التي تشكل الأرضیة التي تنبت فیها الأفكار والمفاهیم والنظریات. وینطوي توجیه الحرص على إثبات السبق على فكرتین ضمنیتین، لا تظهران على
السطح، لكنهما توجهان البحث. الأولى هي التسلیم بأن الفكر الغربي هو المقیاس والمرجعیة والمركز الذي ینبغي أن یُنسب إلیه كل فكر آخر لینال شهادة بقیمته، صكابأصالته. والثانیة هي أن مساق التطور في الشرق والغرب واحد، وكل ما مر به الغرب لابد أن یمر به الشرق. ولا أحسب أنني بحاجة إلَى توضیح تهافت هاتین الفكرتین. والمشكلة الثانیة التي تواجه تاریخ العلوم العربیة هي الأمْثَلَة. وهي إضفاء طابع المثالیة على إنتاج رموز ذلك التاریخ. ویتم ذلك بمحاولة الباحث التأكید على أن الإنتاج العلمي للعالم الذي یدرسه، یتصف بالكمال والشمول والأصالة. وكأن فكر ذلك العالم لم یتطور، وكأنه لم یخطئ ذات مرة، ولم یحتر، ولم یشك، ولم تعترضه عقبة! فیتكرس بذلك غیاب
النقد التاریخي، ویصبح العمل في تاریخ العلوم العربیة أشبه ما یكون بصناعة الأیقونات، ولیس بالبحث لعلها العلمي. أما المشكلة الثالثة في اعتبار علوم السلف تراثًا، والتعامل معها على هذا الأساس حتى داخل دائرة تاریخ العلوم. العلم والتراث مقولتان لا تلتقیان. وتاریخ العلوم علم یُعنى بالنقد ودارسة العقبات والإخفاقات الني اعترضت سبیل العلم. أما التراث فیحمل معنى التبجیل والاحترام والمحافظة. ولسنا نعترض على أن یكون لكل أمة تراث تفتخر به، وتؤكد من خلاله هویتها وتستثیر به حماسة شبابها، وتعلي به من قدرها وتجلي به صورتها أمام ذاتها وأمام الآخرین. فهذا أمر طبعي ومحمود – ضمن ضوابط ومحاذیر محددة. لكن ما هو غیر طبعي ومذموم هو أن تُوكَلَ هذه المهمة إلَى تاریخ العلوم ومؤرخي العلوم. فهم بذلك یُمْنَعُونَ عن القیام بدورهم الأصلي الذي هو الكشف عن حقیقة مسار العلم بإخفاقاته ونجاحاته. ونحن أمیل إلَى الاعتقاد بأن مسؤولیة هذا الخلط والالتباس تقع بالدرجة الأولى على عاتق المشتغلین بتاریخ العلوم،. لأنهم بتزكیة هذا الالتباس وبمده بعناصر الاستمرار
یصبحون رموزًا للمحافظة على التراث، مما یزید من نفوذهم الاجتماعي ظهورهم الإعلامي نظرًا لمكانة التراث لدى الدولة، وعند الخاصة والعامة.
- هاجس السبق.
- الأمْثَلَة.
- اعتبار علوم السلف تراثًا.
أما هاجس السبق فهو ذلك الهاجس الذي یسیطر على أكثر المشتغلین بتاریخ العلوم العربیة، ومؤدّاه السعي إلَى العثور على ما یفید بأن عالمً ا من علماء المسلمین قد سبق عالمًا أوروبیا في الكشف عن حقیقة علمیة. وكثیرًا ما یتم ذلك عن طریق الاعتساف في التعامل مع المصطلحات. وقد طغى هذا التوجه على كل الأسئلة الأخرى الهامة التي ینبغي أن یطرحها المؤرخ مثل ظروف ومراحل تكون الأفكار، العقبات التي اعترضت مسارها، ارتباطها بالسیاقات الداخلیة للمعرفة والخارجیة في المجتمع.... وباسم هذا وهي إسقاط ،(anachronisme) التوجه یُرْتَكَبُ خطأٌ منهجيٌّ فادح هو المفارقة التاریخیة
مفهوم أَو فكرة أَو مصطلح من سیاق تالٍ على سیاق سابق یختلف عنه في المكونات والعناصر والخلفیات. وهذا المسلك یفضي إلَى خلط المفاهیم وإغفال حقیقة تطور العلم والسیاقات الإبستمولوجیة والاجتماعیة والخلفیات الفلسفیة التي تشكل الأرضیة التي تنبت فیها الأفكار والمفاهیم والنظریات. وینطوي توجیه الحرص على إثبات السبق على فكرتین ضمنیتین، لا تظهران على
السطح، لكنهما توجهان البحث. الأولى هي التسلیم بأن الفكر الغربي هو المقیاس والمرجعیة والمركز الذي ینبغي أن یُنسب إلیه كل فكر آخر لینال شهادة بقیمته، صكابأصالته. والثانیة هي أن مساق التطور في الشرق والغرب واحد، وكل ما مر به الغرب لابد أن یمر به الشرق. ولا أحسب أنني بحاجة إلَى توضیح تهافت هاتین الفكرتین. والمشكلة الثانیة التي تواجه تاریخ العلوم العربیة هي الأمْثَلَة. وهي إضفاء طابع المثالیة على إنتاج رموز ذلك التاریخ. ویتم ذلك بمحاولة الباحث التأكید على أن الإنتاج العلمي للعالم الذي یدرسه، یتصف بالكمال والشمول والأصالة. وكأن فكر ذلك العالم لم یتطور، وكأنه لم یخطئ ذات مرة، ولم یحتر، ولم یشك، ولم تعترضه عقبة! فیتكرس بذلك غیاب
النقد التاریخي، ویصبح العمل في تاریخ العلوم العربیة أشبه ما یكون بصناعة الأیقونات، ولیس بالبحث لعلها العلمي. أما المشكلة الثالثة في اعتبار علوم السلف تراثًا، والتعامل معها على هذا الأساس حتى داخل دائرة تاریخ العلوم. العلم والتراث مقولتان لا تلتقیان. وتاریخ العلوم علم یُعنى بالنقد ودارسة العقبات والإخفاقات الني اعترضت سبیل العلم. أما التراث فیحمل معنى التبجیل والاحترام والمحافظة. ولسنا نعترض على أن یكون لكل أمة تراث تفتخر به، وتؤكد من خلاله هویتها وتستثیر به حماسة شبابها، وتعلي به من قدرها وتجلي به صورتها أمام ذاتها وأمام الآخرین. فهذا أمر طبعي ومحمود – ضمن ضوابط ومحاذیر محددة. لكن ما هو غیر طبعي ومذموم هو أن تُوكَلَ هذه المهمة إلَى تاریخ العلوم ومؤرخي العلوم. فهم بذلك یُمْنَعُونَ عن القیام بدورهم الأصلي الذي هو الكشف عن حقیقة مسار العلم بإخفاقاته ونجاحاته. ونحن أمیل إلَى الاعتقاد بأن مسؤولیة هذا الخلط والالتباس تقع بالدرجة الأولى على عاتق المشتغلین بتاریخ العلوم،. لأنهم بتزكیة هذا الالتباس وبمده بعناصر الاستمرار
یصبحون رموزًا للمحافظة على التراث، مما یزید من نفوذهم الاجتماعي ظهورهم الإعلامي نظرًا لمكانة التراث لدى الدولة، وعند الخاصة والعامة.
Category
Journal articles