مستقبل العالم العربي في القرن 21، لم يمض عليه إلا سنوات عدة، فالحديث عنه على سبيل النبأ، كما الحديث عن التاريخ له تبرير آخر، فالمادة والأحداث التي يعرضها التاريخ هي التي تتيح لنا أن نعيش في الحاضر ونتطلع للمستقبل، فكل حدیث علمي يبدأ بالمقارنة وبالمقايسة أحيانا بين الماضي والحاضر هو أحيانا بين حدثين في الحاضر، ربما كانت هذه المقايسة والمقارنة التي صارت منهجا علمية هي التي تبرر البدء بها.
أول المقارنات المهمة هي المقارنة بين الوعي الجديد الكبير وفهم التاريخ الموجود، عندنا في حضارتنا العربية والإسلامية وعندنا نحن الغربيين المسلمين بخلاف أكثر المجتمعات الأخرى يعطون التاريخ والوعي أهمية جيدة وليس على سبيل الكتابة. وهناك مئات الكتب التي تتحدث عن التاريخ العالمي أو التواريخ المحلية، ومقارنتها بالأمم الأخرى لا نجد هذا الاهتمام نفسه؛ فحضارة عظيمة مثل الحضارة الهندية لا تبدأ الكتابة التاريخية فيها إلا بدخول المسلمين إليها، والمسلمون لا يقتصرون في ذلك على أكثر المؤلفات التي تبدأ بظهور الإسلام، ولكنهم يحاولون التأمل أيضا فيما قبل الإسلام من الوعي الذي حدث من قيام الدولة والإمبراطورية الإسلامية. هذا الإحساس بالتاريخ ينبغي أن نحفظه في الذهن؛ لأنه تترتب عليه نتائج كبرى للعرب والمسلمين.