ترسم السياسة الاقتصادية في الدول لتحقيق جملة من الأهداف المرغوبة. وتوظف هذه السياسة العديد من الأدوات
للوصول إلى غايتها لعل الرئيس منها الأدوات المالية. والإنفاق الحكومي يعد أحد الأدوات المالية حيث يمثل ذراع الدولة
القوي في تحقيق أهدافها. والإنفاق الحكومي كمية مالية اقتصادية لابد أن يتقرر حجمه. ومن الطبيعي أن يتناسب حجم
الإنفاق الحكومي طردياً مع دور الدولة. ولهذا نجده ضخماً في الدول ذات الدور المتعاظم في حركة المجتمع وذات الأهداف
الطموحة بينما يتحجم هذا الإنفاق في الدول ذات الدور الهامشي وذات الأهداف المتواضعة.
وعندما يكون الإنفاق الحكومي مرتهناً بدور الدولة ترى ما الذي يحدد هذا الدور؟ إن الدور المرتقب للدولة يحكمه
الفلسفة السياسية التي تؤمن بها وطبيعة التحديات التي تواجهها وطبيعة البيئة الاقتصادية والاجتماعية القائمة. ولهذا فإنه
لمن خلط الرأي تعميم دور محدد للدولة. هذا الخطأ الذي وقع فيه الفكر الاقتصادي الكلاسيكي والدعوات الاقتصادية الراهنة
المطالبة بتبني العولمة والخصخصة وبرامج الإصلاحات الهيكلية والتثبيت الاقتصادي والتي كلها تصب في إطلاق العنان
للقوانين الطبيعية لتمارس دوراً حاسماً في عملية تخصيص الموارد وتحجيم الدور الحكومي.